تنافر واضح بين اقطاب الحكومة الإسرائيلية منذ ان تشكلت، توقعوه خبراء ومحللون سياسيون حتى أصبحت اسطورة غانتس ونتنياهو حقيقية واصبحا في خندق واحد كل يسير في اتجاه ويحاول ان يسحب الاخر الا ان نتنياهو يبقى الأقوى ومن يمسك بدفة السفينة ويحرك الاشرعة وفق اهواءه، الا انه في غضون هذا الصراع الصامت المعلن فان اهواء الزائر الجديد المسمى كورونا لا تتوافق واهواء نتنياهو ما اعتبره كثيرون سابقة، فهو الذي خضع له رؤساء العالم وانحنى له عدوه الأول ونظيره غانتس، فهل سيستمر غانتس بالانحناء وسيخنع مجددا لنتنياهو بما يتعلق بتمرير الميزانية وشؤون حكومية أخرى ام سنذهب الى انتخابات ما لا نهاية وتكون هي نهاية حكومة تشكلت على انقاض شعب.

شراكة عرجاء، وغانتس سيخضع لنتنياهو

القيادي والمحلل السياسي محمد دراوشة قال بدوره في هذا الصدد: هذا التشرذم والتنافر بين اقطاب الحكومة موجود منذ لحظة ولادتها، بل وقبل ذلك بكثير، حيث كانت المعارك الانتخابية في السنة الاخيرة شاهداً على هذا. حزب كاحول-لاڤان سقط في فخ نتنياهو بمجرد قبوله التفاوض معه على دخول الائتلاف، حيث انسلخ الحزب عن قواعده الانتخابية وعن حلفائه الذين شكلوا في حينه 62 عضو كنيست. هذا السقوط ادخل حزب كاحول-لاڤان الى شراكة عرجاء مع نتنياهو الذي تمكن من احتواء بيني غانتس تحت كنفه، واشترى ولاءه مقابل مناصب وزارية، تثبت ان فعاليتها محدودة جداً.

وتابع: خيارات كاحول-لاڤان محدودة جداً، ولا يمكنه المخاطرة بالذهاب لانتخابات لان النتيجة ستكون تقليص حجمه لأقل من نصف حجمه الحالي، وبالتالي تقليص وجوده السياسي، وانهاء آمال غانتس بأن يصبح رئيس وزراء، فلذلك خياره يبقى الانغماس أكثر وأكثر في بركة العسل التي جلبه اليها نتنياهو، وربما الصراخ بين الحين والآخر، لا أكثر. لا توجد بأيديكم زمام مبادرة، حيث ان العِصمة بيد نتنياهو فقط. نتنياهو هو من يتلاعب بكل المحاور السياسية والائتلافية. بيده يرفع شعلة التوتر، وبيده يطفأها، وبذلك يأفل نجم منافسيه، ليبقى هو الخيار الوحيد داخل حزبه، وفِي كتلة اليمين، ومقابل غرمائه الذين يتساقطون واحداً تلو الآخر.

وأضاف قائلا ل "بكرا": الدافع المحرك لنتنياهو هو مصلحته الشخصية للحصول على حصانة من المحاكمة، وفي حال امتثل كاحول-لاڤان للأمر، فسيسلم الائتلاف ولن تكون هناك انتخابات قريبة، ولكن في حال قاوم الخضوع كلياً، فقد يقوم نتنياهو بضربة قاضية لهذا الحزب، حيث سيهينه أكثر وأكثر، ليجعل منه اشلاءً متبعثره، جزء منها سينضم حتماً الى الليكود، والباقي سيندثر في أقرب جولة انتخابية.

غانتس ونتنياهو بوضع لا يسمح لهم التوجه الى انتخابات

الكاتب والمحلل السياسي عودة بشارات رأى ان هناك توترا كبيرا داخل الحكومة الإسرائيلية وصفه بالطبيعي وقال: على مدار التاريخ تشكلت حكومات واسعة وحكومات وحدة وطنية في إسرائيل وانتقل النقاش من الكنيست الى الحكومة جيث معظم أعضاء الكنيست تواجدوا في الحكومة والان لدينا اكثر من سبعين عضو كنيست موجودون في هذه الحكومة وبالتالي انتقلت حلبة النقاش الى هناك، ومن ناحية أخرى هناك محاولة من نتنياهو ان يضع عقبات امام هذه الحكومة املا منه ان تؤدي هذه العقبات الى انتخابات جديدة، وحسب استطلاعات الرأي يعتقد ان الأمور ستكون لصالحه علما ان الأمور تطورت بشكل سلبي بالنسبة اليه خلال الأسبوع الماضي وذلك مع اشتداد وباء الكورونا ونسبة المرضى والمصابين والوضع الاقتصادي المتدهور الذي أدى الى مظاهرات ضخمة وتراجع في شعبيته حيث يجري الحديث على 30 مقعدا ممكن ان يحصل عليه.
ونوه: من جهة أخرى نرى ان غانتس ليس في قمة شعبيته ويحظى فقط ب 11 عضو كنيست ولذلك إذا نظرنا بشكل جيد الى ما يجري فان غانتس ونتنياهو بوضع لا يسمح لهم التوجه الى انتخابات لان هذا الامر غير مضمون بنتيجته، اعتقد ان الخارطة السياسية في إسرائيل ومختلف الأحزاب غير معنيون بالانتخابات خاصة امام تفشي وباء الكورونا لان من سيذهب الان الى الانتخابات سيظهر وكأنه غير مسؤول ولا يهتم بالمصلحة العامة وبالتالي اعتقد ان هذا الامر سيتجمد حتى الوصول الى نتائج جيدة في محاربة الكورونا وسيأخذ الامر عدة أشهر.

الأزمة بالحكومة وتركيبتها المتناقضة وارتباط كل خيوطها بمصلحة نتنياهو الضيقة كما الترابط بالأزمات بأمريكا

المحاضر والمحلل السياسي د. علي أبو زيد قال بدوره ل "بكرا": الأزمة بالحكومة وتركيبتها المتناقضة وارتباط كل خيوطها بمصلحة نتنياهو الضيقة كما الترابط بالأزمات بأمريكا كذلك خاصة الأزمة الاقتصادية، كما هي احلام نتنياهو وخطته للضم وتناقضه مع خطط حلفائه وتفكيرهم، وسلوك نتنياهو للعب وبمحاولة تطويع القوانين لمصلحته، أدت كافة تلك التناقضات والصراعات الى تدهور الحالة السياسية في اسرائيل اضافة الى قضية الكورونا وعدم استطاعة الحكومة على معالجة التعامل بها بسبب التناقضات منها العنصرية تجاه العرب الفلسطينيين والاهمال المتعمد، كذلك مواقف اليهود المتدينين تجاه الوباء كما ان اعتماد الدولة على الاقتصاد الذي يتدهور تدريجياً. كما ان التناقضات في محور حلفاء نتنياهو وارتفاع أسهم اليمين على يمين نتنياهو يشير الى خطوات تجاه طريق جديد نحو انتخابات رابعة، في ظل انهزام وضبابية مواقف تحالف غانتس / ازرق ابيض، وتحييده من قبل صفقاته مع نتنياهو.

وتابع يقول: هذا يدعو لرفع قوة التحالف العربي في المشتركة وتعزيز دورها في توزيع أدوارها نحو حمل هموم الشارع العربي من ناحية الحقوق وقضايا التنظيم الهيكلي للمدن والقرى العربية والتجمعات للقرى غير المعترف بها وكذلك حول التحضير لوقفات ومواقف صارمة تجاه الحقوق للتجمعات العربية ومحاربة قضايا العنف وفضح دور الشرطة على كل ما يجري خاصة ان هناك مواقف مقصودة وتهميش بصمتهم ومعرفتهم بخيوط الجرائم والعصابات المنظمة تلك. هذا الوضع المأزم ينذر بأن هناك بعد فترة لا تزيد عن ستة أشهر بسقوط الحكومة والبدء بالتحضير لانتخابات رابعة. التوقع بتفسّخ حلفاء نتنياهو كما انه سيحصل تغيير في حلف ازرق ابيض وهذا سيعطي أسهم أكبر ليمين اليمين واضمحلال قوة بعض الأحزاب الصهيونية منها حزب العمل، وممكن اختفاء بعض التكتلات.

ونوه: ان ذلك يدعو لزيادة القوة العربية داخلياً والتركيز على الشارع اليهودي كقوة داعمة للمواقف العربية مع الأخذ بعين الاعتبار اضافة مرشحين آخرين للقائمة العربية المشتركة لتجمعات مثل النقب اللد والرملة وغيرها ضمن دراسة عقلانية للواقع العربي. انتخابات رابعة أقرب الى الواقع ووقوع نتنياهو تحت طائلة الحساب على قضايا الفساد وتغيير في خارطة الأحزاب السياسية الإسرائيلية أقرب الى المعقول. الحكومة تتجه نحو التخبط والفراغ السياسي والتخبط القانوني وبأن خطط نتنياهو نحو الانحدار خاصة بعد اعلان بعض دول الاتحاد الاوروبي وبعض الدول العربية مواقفها تجاه خطط الضم وانحسار موجات التأثير في خطة ترامب فهذا سيؤدي الى شكل وواقع سياسي جديد وخارطة جديدة، رغم الانحطاط الاخلاقي السياسي والاداري المالي لمواقف السلطة الفلسطينية، والمتغيرات الجديدة التي عصفت بحماس، وهذا كذلك سيؤدي الى رؤى خارطة سياسية جديدة، وتَحَرُّك جماهيري فلسطيني رغم محدوديته، وكل هذه المتغيرات ستعطينا اشكالاً جديدة سياسية واقتصادية ستعصف بالمنطقة وستؤثر على واقع ومستقبل الانتخابات بإسرائيل وأمريكا وبواقع التعامل مع السلطة وبالمواقف العربية والدولية وتتشكل تحالفات وقوى جديدة تعمل على التغيير المقبل سواء إيجاباً أم سلباً.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]