في حديث خاص وشيق مع الدكتورة كارول دانيال كسبري محاضرة في مجال حل النزاعات الدولية في جامعة جورج ميسن وباحثة في معهد الشرق الاوسط في واشنطن وهي نصراوية الأصل تعيش في الولايات المتحدة، بما يتعلق باتفاق التطبيع الكامل للعلاقات بين الامارات واسرائيل قالت ل "بكرا": ظهرت هذه الخطوة وكأنها مقابل تعليق اسرائيل تحركاتها لضم اجزاء من الضفة الغربية، حيث ان مشروع التطبيع هذا والهيمنة على الشرق الاوسط بدأ منذ عقود وليس فقط بعهد نتنياهو، الكاتب السياسي ماجد الكيالي كتب في مقال له قبل يومين ان ما حدث من اتفاق اعاد الى ذاكرته قبل ثلاثون عاما حين اصدر شمعون بيرس مشروع الشرق الاوسط الجديد عن التكامل بين اليد العاملة العربية والمال الخليجي والعبقرية الاسرائيلية، حيث يشمل المشروع مسألتين اساسيتين، الاولى هي دعوة الانظمة العربية للاعتراف بإسرائيل والقبول بها بغض النظر عن انسحابها من الاراضي المحتلة حدوك 67 والمسألة الثانية هي طموح اسرائيل لتعزيز مكانتها وهيمنتها في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا من الناحية الاقتصادية بتعاون في مجالات عديدة منها مشاريع تجارية واقتصادية واستراتيجية وعسكرية وغيرها. فكرة الاتفاقيات الاسرائيلية موجودة منذ فترة ان يهمشوا مكانة القضية الفلسطينية من جدول الاعمال الدولي خصوصا بعد الانتفاضة الاولى وايضا لتعزيز مكانة اسرائيل في المنطقة واقامة كيان بمرتبة حكم ذاتي للفلسطينيين وهذا ما حدث في اوسلو عام 93 ولكن اعتقد ان الحكومات الامريكية السابقة لم تستطع تحقيق نوع مشابه من التقدم مع الدول العربية كالتي حققها ترامب، وذلك لعدم وجود جاهزية من الدول العربية لانهم في مرحلة معينة اعتقدوا انه وفق اوسلوا اسرائيل ستتنازل عن الاراضي العربية وتنسحب منها، وكما رأينا انه عام 2002 كان هناك المبادرة العربية للسلام وكان بها تطبيع كامل مقابل الانسحاب ولكن اسرائيل رفضتها حتى اليوم.

اتفاق لصالح ترامب يدعمه في الانتخابات القادمة

وأضافت: الا ان المعادلة اختلت وتغيرت عندما جاء ترامب للبيت الابيض ووجه المسألة الى اتجاه مختلف لصالح اسرائيل لان هذه الادارة غير معنية بعملية تسوية وقادت بمشورة نتنياهو وتبنت رؤيته، منذ بداية ادارة ترامب وحتى اليوم قطعت علاقتها بالسلطة اذ انهت مساعداتها واوقفت دعم الاونروا واغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وشرعت القدس عاصمة لإسرائيل والاستيطان وعدم العودة لحدود 67 وتخلوا عن اللاجئين، سياسة ترامب تجاه القضية الفلسطينية واضحة منذ البداية معتبرا ان اسرائيل هي من يحق لها تقرير مصير الفلسطينيين وحقوقهم واكد بذلك تطبيع العلاقة بين اسرائيل والدول العربية دون اي صلة بحقوق الشعب الفلسطيني او بانسحابها من الاراضي المحتلة 67.
ونوهت كسبري ل "بكرا": وجود محمد بن زايد ساهم بإبرام الصفقة في هذا التوقيت لأنه يعتبر اكثر انحيازا لنتنياهو ايديولوجيا ولليمين الاسرائيلي واليمين في الولايات المتحدة ويتشابهون في النظرة التقسيمية للمنطقة والعالم ومعاداتهم لإيران وللربيع العربي والديمقراطية، اعتقد ان التوقيت جاء لصالح اسرائيل وامريكا خصوصا في حملاتهم الانتخابية لان هذه الصفقة ستدعم حملة ترامب الانتخابية المقبلة بعد شهرين ورأى كوشنر المدير الفعلي لحملة ترامب الانتخابية ان هناك حاجة لتعزيز جدي لسياسة ترامب الخارجية، وقد اقنع صديقه محمد بن زايد ان يساعده بدعم الحملة اذ توفر هذه الاتفاقية لترامب المحاصر انجاز دبلوماسي ملموس وتاريخي وان يمتلك حقوق فخرية وكأنه اجرى السلام، هو يعتقد انه سحر الناخبين الامريكيين خصوصا اليهود اليمينيين او المسيحيين الانجيليين لذلك فان اسرائيل والامارات مقربين من ادارة ترامب ويملكون مصلحة ان ينتخب مرة اخرى، ولكنهم ايضا يعون ان هناك احتمال ان يفوز نظير ترامب برئاسة البيت الابيض وقد اكد دكتور شبلي تلحمي ان الاحتمالية ان يفوز جو بايدن اثرت كثيرا على هذا الاتفاق اذ يعتقد ان المعارضة الديمقراطية ضد الخطط الاسرائيلية لضم اجزاء من الضفة وهذا الامر موجود في حسابات نتنياهو والامارات خلال الاتفاق وبالتالي لو بدأ نتنياهو عملية الضم وفاز بايدن فان حكومته ستبدأ بشكل سيء مع ادارة ديمقراطية جديدة اي بكل الحالات الصفقة تعطي لنتنياهو دفعة هو بأمس الحاجة لها الان وهو يملك موهبة لاتخاذ قرارات استراتيجية في الوقت المناسب للحفاظ على حكمه وهو الان بحاجة لكل مساعدة اذا يواجه محاكمة بتهم الفساد واحتجاجات يومية بسبب سوء تعامل مع ازمة كورونا.

الامارات اعلنت عن شراكتها الامنية مع اسرائيل سعيا وراء مصالحها الاقليمية المشتركة

وأكدت ان الجميع مستفيد، الامارات اعلنت عن شراكتها الامنية مع اسرائيل سعيا وراء مصالحها الاقليمية المشتركة وخصوصا مواجهة التهديد الايراني، وايضا زعم انها ساعدت الفلسطينيين من خلال احباط الخطط الاسرائيلية للضم وانقاص حل الدولتين حتى لو تعهد نتنياهو انه مستمر بموضوع الضم، الامارات ليست الدولة العربية الوحيدة التي استخدمت الفلسطينيين كورقة توت في تعاملها مع اسرائيل لان الضم الفعلي موجود ويحدث منذ عقود والان هناك مشاريع ضم واستيلاء على اراضي في عدة اماكن، ولو ارادوا تجنب الضم كان ممكن اخذ قرار تجنبه في واشنطن او القدس اي ان الامارات لن توقف الضم.

اما بما يتعلق بمصير الفلسطينيين بعد هذه العملية قالت: الاستعمار سيستمر للقدس والضفة الغربية وستستمر اسرائيل كونها السيادة الوحيدة بين البحر المتوسط ونهر الاردن وتواصل سياستها التمييزية ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال قوانين ومحاكم عسكرية اذ ان 20% من الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية وهذه الصفقة ستقوي هذا الاستعمار.

القيادات الفلسطينية حتى اليوم ترفض وضع مصالح الشعب الفلسطيني قبل مصالحها الذاتية

وتابعت منوهة: القيادات الفلسطينية حتى اليوم ترفض وضع مصالح الشعب الفلسطيني قبل مصالحها الذاتية والضيقة وتلعب نفس لعبة اسرائيل ويحق للشعب الفلسطيني معاقبة فتح وحماس قياداته في الضفة وغزة، وقد فقد الشعب الفلسطيني الثقة بوعود الدول العربية ويوجه خيط الامل نحو القيادة التي سمحت بحدوث هذه الصفقة اذا ان القيادات الفلسطينية فشلت بإقامة اتفاقيات استراتيجية اقليمية كانت ستؤدي الى نتيجة مختلفة، الفلسطينيون يدعون انتخاب قيادة جديدة وهناك حملات تناقش الخطوة القادمة، الموضوع لا يتعلق اليوم بإلقاء اللوم على الغرباء للبحث عن مصالحهم الخاصة، الامر يتعلق بالداخل ووحدة جميع الفلسطينيين من خلال انتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد لجميع الفلسطينيين وتوليد نوع من الزخم لانتخاب قيادة فلسطينية جديدة لمنظمة التحرير بطريقة ديمقراطية تمثل تطلعات الشعب ومن خلال بحث الدكتوراة الخاص بي عن موضوع المقاومة الفلسطينية اليومية ورؤيتي لنضال الشعب اعتقد ان هذا الشعب لم يخسر بل يكسب يوميا بوجوده وبقاءه على ارضه من خلال عدم اختفاءه وصموده لانهم نجوا من عدة نكسات والان هذه دعوة لليقظة للقيادة الحالية وفسح المجال للجيل القادم جيل يعكس رغبات ملايين الفلسطينيين وسعيهم للحرية وتقرير المصير لأنني اعتقد انه في الوقت الذي تخلى البيت الابيض والدول العربية عن القيادة الفلسطينية والفلسطينيين الا الاخيرين لم يتخلوا عن مطالبهم بالحرية والعدالة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]