أظهرت معطيات دقيقة للمحاكم الشرعية ان نسبة 30% من الزيجات في المجتمع العربي في العقد الأخير تنتهي بالطلاق خاصة لمن هم دون الثلاثين من عمرهم، نسبة عالية جدا من الازواج الشابة في مجتمعنا يلجؤون الى الطلاق كحل نهائي للمشاكل الزوجية، شابات وشباب في عمر الزهور وفي مقتبل اعمارهم يأخذون هذا القرار المصيري والصعب، وفي كثير من الاحيان بوجود اطفال يقعون ضحية لهذه الاجراء الصعب هذا ما قاله الناشط السياسي والاجتماعي والقيادي الشيخ عبد الكريم عزام قال في هذا الصدد: ظاهرة تستحق التدخل والتفكير والعمل على الحد منها! من خلال معطيات دقيقة من المحاكم الشرعية يتبين ان نسبة 30% من الزيجات في مجتمعنا في العقد!

وتابع: نسبة كبيرة من هؤلاء من الشباب والشابات الذين عاشوا "قصة حب" سبقت زواجهم تعود عادة الى فترة المراهقة المبكرة في حياتهم تلك الفترة التي لا يمتلك فيها الطرفان مفاهيم صحيحة حول جوهر الزواج وطبيعة الحياة الزوجية وتحدياتها والعقبات التي قد تعتريها، وعادة ما تختلط فيها احلام المراهقين وافكارهم بالواقع فتحول بين فهمهم طبيعة الحياة الواقعية والحياة الافتراضية! ونتيجة لطبيعة مجتمعنا العربي / الاسلامي الذي تسيطر فيه العادات والتقاليد والكثير من المفاهيم المغلوطة على حساب الشرع الحنيف عادة المرأة والاطفال هم أكثر المتضررين من هذه الظاهرة الخطيرة.

وكون الكثير من هؤلاء الازواج وفق المعطيات الرسمية يصرحون انهم قد تزوجوا نتيجة "قصة حب" بدأت في مراحل المراهقة الاولى لذلك من المهم على الاهل والمربين الانتباه الى أهم المفاهيم المتعلقة بالزواج الناجح، مثل الحب، المودة، رسالة الزواج وقدسيته، العقبات النفسية والاجتماعية والاقتصادية، الفرق بين الواقع المعاش وبين "قصص الحب" التي تنتشر في الافلام والمسلسلات، والخوض في هذه المفاهيم معمقا مع المراهقين من الجنسين، وتوعيتهم وارشادهم بالشكل الصحيح والواعي!

معطيات خطيرة!!

د نهاد علي رئيس مركز التعددية الحضارية في أكاديمية الجليل الغربي وجامعة حيفا ورئيس قسم المجتمع العربي بشموئيل نئمان في التخنيون قال معقبا ل "بكرا": مع ان بعض الأديان السماوية شرعت الطلاق ومع ان كثير من المجتمعات والثقافات شرعنته ومع كونه في بعض الحالات حل لمشاكل مستعصية بين الأزواج الا انه شر مستطير على العائلة وخاصة على الأبناء صغار السن.

وتابع: الطلاق كظاهرة اجتماعية ليست حديثة ولكنها اخذة بالتفشي كالنار بالهشيم في العقود والسنوات الأخيرة حتى ان بعض المنظرين يرون بالطلاق جزء لا يتجزأ من المجتمع المتمدن ومن طابع الحياة الحديثة. وعليه بدأ انتشاره الطاهرة بالغرب أولا خيت وصلت نسبته الى اكثر من 50% أي ما ومن ثم انتقل الى المجتمعات الأخرى والى بلادنا مع ان الطلاق اقل في المجتمعات التقليدية. ان الارتفاع الكبير في منسوب الظاهرة جعل بعض علماء الاجتماع التساؤل حول فشل الزواج كمؤسسة اجتماعية والبحث عن جلول بديلة لمؤسسة الزواج.

ونوه: يحدد علماء الاجتماع فترتين زمنيتين في عمر الأزواج هم الأكثر عرضا للطلاق: السنوات الأولى للزواج وعلى الأخص حتى السنة الخامسة من الزواج وفي منتصف سنوات الأربعين لعمر الأزواج، لا مجال هنا لتعديد وتحليل أسباب الطلاق الاقتصادية والاجتماعية والسلوكية وانتقال المبنى الاجتماعي من مرحلة لأخرى وضياع الهوية المجتمعية ولكننا نشهد ارتفاع هائل في الآونة الأخيرة في مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني. ومن الجدير بالذكر بان المعطيات الإحصائية لا تستثني أي من مركبات مجتمعنا الدينية والثقافية. فقد تفشت الظاهرة في كل شرائح المجتمع المتعلمة وغير المتعلمة الفقيرة والغنية القروية والمدنية. ومن الجدير ذكره أن نسبة المبادرة لتقديم طلب للطلاق في صفوف النساء أكثر من الرجا نتيجة لعدة أسباب أهمها تجرر المرأة من التبعية الاقتصادية.

الكورونا اثرت طرديا

وأضاف: في الأشهر الأخيرة دخل لاعب جديد للساحة اثر طرديا على نسبة الطلاق الا وهو جائحة الكورونا. وبذلك تكون مثلث ليس بالضرورة متساوي الاضلاع لضلوعه الكورونا والعنف والطلاق هذه المتغيرات متشابكة الى حد المتانة فظاهرة الكورونا حجرت الناس داخل طنجرة ضغط هذا الحجر بظروف اقتصادية سيئا فجر طنجرة الضغط الى عنف عائلي أدى الى ارتفاع في نسب الطلاق بالأشهر الأخيرة.

ونوه: يُستدل من معطيات المحاكم الشرعية في البلاد (نهاية 2018)، حول قضايا الأحوال الشخصية وملفات الزواج والطلاق، أن حالات الطلاق في المجتمع العربي، شهدت ارتفاعا مقلقا إذ سجلت المحاكم الشرعية 3,541 حالة طلاق، أما حالات الزواج وعقد القران فبلغت 8,850 حالة في العام الماضي 2018 بما نسبته 40%. ومن شبه المؤكد ان العام 2020 سيشهد ارتفاعا اكبر.

اما قراءتنا للعائلات المرجح الطلاق بها أكثر من غيرها:
• العائلات الفقيرة حيث ان فقرها سيزداد مما يؤثر على زيادة طردية بالمشاكل والمشاحنات التي قد تؤدي للعنف والطلاق
• العائلات المعنفة التي بها الزوج (او الزوجة) عنيفا في تعامله وسلوكه، سواء كان عنفه جسديا او نفسيا. ان حجر الخصمان وبقائهما معا بشكل قصري وبدون فسحة للتخفيف سيزيد العنف الاسري بحق الزوجة والأولاد وقد امتلأت ملاجئ النساء المعنفات نتيجة لازدياد العنف في عهد الكورونا مما يؤدي للطلاق
• الأزواج الشابة التي لم تعتاد بعد على بعضها بشكل كاف ولم تتأقلم الى طبائع الواحد للأخر بعد ولم يعتادوا على منعطفات الحياة خاصة اذا ما كانت الأوضاع الاقتصادية سيئة نتيجة تكاليف العرس والبيت الجديد
• العائلات التي عانت من خلافات مستديمة بينها قبل عهد جائحة الكورونا وكان الخروج من البيت ملاذا لها وهروب من المواجهة. حجر هؤلاء الأزواج داخل قفص بيتي سيثير الخلافات ويصعدها وقد تصل الى العنف والجريمة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]