تحولت العاصمة الاقتصادية للمغرب، الدار البيضاء، منذ ليلة أمس الثلاثاء وحتى زوال الأربعاء، إلى برك مائية كشفت الوضعية التي تعرفها البنية التحتية بالمدينة، بعدما صارت معظم الشوارع الكبرى غارقة في المياه.

وعرت التساقطات المطرية التي شهدتها الدار البيضاء والمناطق المجاورة لها هشاشة البنية التحتية، لا سيما بعدما عجزت مجاري الصرف الصحي عن استيعاب مياه الأمطار.

ووجد العديد من أصحاب السيارات الذين كانوا متوجهين صباح اليوم الأربعاء صوب مقرات عملهم بمركز المدينة وغيره، صعوبة في التنقل، بعدما غطت المياه الشوارع وصار التنقل فيها يشكل خطورة عليهم.

وأضحت المدينة “الميتروبولية” غارقة في المياه، وصار معها مسؤولوها في موقف لا يحسدون عليه، بعدما فضحت الأمطار الشعارات التي يرفعونها في كل مناسبة بالحديث عن تهيئة المدينة وتحويلها إلى قطب مالي كبير يضاهي كبريات المدن العالمية.

وصار شارع القدس بعين الشق، الذي يعرف حركية كبيرة، منطقة صعبة الولوج، حيث وجدت العديد من السيارات صعوبة في المرور، ما اضطر مالكيها إلى التوقف وانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع.

ولا يقتصر الأمر على هذه المنطقة؛ إذ إن منطقة سيدي مومن في اتجاه مطار تيط مليل غرقت هي الأخرى في المياه، واكتظت المدارة المتواجدة ببوابة المطار بالسيارات والشاحنات المتوقفة بسبب صعوبة المرور.

وحمل منتخبون بالمجلس الجماعي للدار البيضاء شركة ليديك الفرنسية مسؤولية هذا الوضع، الذي كاد يتسبب في غرق أحياء برمتها، بالنظر إلى ضعف البنية التحتية واختناق مجاري الصرف الصحي.


وفي هذا الصدد، طالب رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المدينة، كريم كلايبي، المجلس الجماعي بفسخ العقدة التي تجمعه بالشركة المذكورة، بالنظر إلى فشلها المتكرر في التعامل مع التساقطات المطرية.

وقال كلايبي، في تصريح لجريدة هـسبريس الإلكترونية، إن خدمات الشركة المذكورة “ليست في المستوى، وهو ما يستوجب تحرك المجلس لوضع حد لذلك عبر مساءلتها وفسخ العقد معها”.

واتهم العضو المذكور شركات التنمية المحلية بالمدينة، ضمنها “شركة التهيئة” وشركة “كازا إفنت”، بالوقوف أيضا وراء هذه الكارثة التي شهدتها الدار البيضاء، ذلك أن ملعب مركب محمد الخامس الذي أنفقت عليه المليارات من طرف “الدار البيضاء للتنشيط” تحول ليلة أمس إلى بركة مائية.

وخرج عضو مقاطعة الحي الحسني مصطفى منضور ليكشف بدوره أنه قام بتنبيه “مسؤولي شركة ليديك إلى ضرورة تجويد الخدمة، لكن وعود الإصلاح لم تخرج إلى حيز الوجود”.

وأردف منضور، في رسالة إلى والي الجهة، قائلا: “ها هي نفس مظاهر اختناق البالوعات وتسرب المياه للمنازل والمحلات تتكرر مجددا أمام مرأى المجالس المنتخبة والشركة المفوض لها تدبير القطاع”.



من جهته، محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، اعتبر أن “ما شهدته الدار البيضاء كشف عورة المسؤولين عن تدبير أمورها وعرى الوجه القبيح للفساد والرشوة والصفقات النتنة، وأزاح الماكياج عن وجوههم وعرى شعاراتهم حول الحكامة والشفافية”.

وأردف الغلوسي، في تدوينة له بـ”فيسبوك”، قائلا: “نقولها ونكررها، إن الفساد والرشوة وسياسة الريع والصفقات المشبوهة وإسناد التدبير لنخب فاسدة وانتهازية هي التي جعلت الدار البيضاء تغرق بالأمس في الماء وسط ذهول الجميع، لا بد من ربط المسؤولية بالمحاسبة والقطع مع الإفلات من العقاب”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]