نشر موقع "شومريم" مركز للإعلام والديمقراطية، مؤخرًا، تقريرًا موسّعًا حول مشروع "الأمن الغذائي للعائلات المحتاجة" الذي أعلنت عن انطلاقه وزارة الداخلية. وشكك التقرير في نزاهة هذا المشروع، مشيرًا الى أن تخصيص 700 مليون شيكل للأمن الغذائي لمواطني الدولة في ظل الكورونا جاء ليخدم وزير الداخلية آرييه درعي، حيث حوّلت وزارة الداخلية برئاسته الموضوع الى أداة لصالح تمويل الانتخابات، خاصة وأنه لم يشرك الأخصائيين المهنيين في الموضوع، بالإضافة الى أن المسؤول عن المشروع في وزارة الداخلية يعترف بأن "دوافع المشروع ليست دوافع أمن غذائي".

وكان قد خرج من مكتب مدير عام وزارة الداخلية، مردخاي كوهن، بعد يوم واحد من حل الكنيست بسبب عدم تمرير ميزانية الدولة لعام 2021، منشور خاص الى السلطات المحلية تحت عنوان "انطلاق مشروع أمن غذائي للعائلات المستضعفة!"، وقد خصص لهذا المشروع 700 مليون شيكل لمدّة شهرين لتوزيع قسائم غذاء بواسطة الشركة المزوّدة التي فازت بالمناقصة، وهي شبكة شوفرسال.

وقد تم تحويل هذا المبلغ الضخم مباشرة لوزارة الداخلية، وليس للوزارات ذات الصلة والخبرة في هذا المجال مثل، وزارة الرفاه أو وزارة الصحة أو المجلس الوطني للأمن الغذائي. وأكد التقرير أن مبلغ الـ 700 مليون شيكل تم تخصيصه كميزانية خاصة من مكتب وزير المالية، يسرائيل كاتس، مباشرة الى مكتب الشريك في الائتلاف، آرييه درعي، حيث سيتم تحويله على ثلاث دفعات ابتداءً من أواخر شهر كانون الثاني حتى بداية شهر آذار، وذلك كجزء من رزمة المساعدة الإجمالية للمرافق لمواجهة أزمة الكورونا التي تقدّر بـ80 مليار شيكل.

وبعد وقت قصير من صدور منشور مدير عام وزارة الداخلية المذكور، قدّمت حركة جودة الحكم التماسًا لمحكمة العدل العليا ضد المناقصة للمشروع، كما قدّمت مؤخرًا طلبًا لتجميدها. وجاء في الالتماس أن هذا المشروع ينمّ عن تمييز محظور، فهو يخدم المواطنين الحريديم ويمس بمبدأ المساواة، وهو عبارة عن دعاية انتخابية محظورة للوزير درعي من خلال سوء استغلال للميزانية العامة وممارسة الضغوط المرفوضة على السلطات المحلية لكي تقدّم معلومات شخصية عن السكان لاتحاد تجاري من القطاع الخاص، كما أن هناك خشية من المس الخطير بخصوصية السكان ذوي الاستحقاق للمنحة.

كما أن المستشار القضائي للحكومة، آفيحاي ماندلبليت، أرسل تحذيرًا واضحًا موجّهًا لوزير المالية كاتس كي لا يستخدم الميزانيات لـ "الاقتصاد الانتخابي"، وحذر من "الاستعمال غير الملائم لموارد الدولة للدعاية من خلال استغلال قوة السلطة، أو للحصول على أفضليات غير نزيهة لحزب أو لمرشح معيّن".

وكانت هناك انتقادات سابقة للوزير درعي وادعاءات بأنه يقوم بمشاريع لتخدمه سياسيًا، إذ أنه يهتم بالأساس بتغذية جمهور ناخبيه من مجتمع الحريديم. وحسب وزارة الداخلية، فإنّ كل عائلة محتاجة ومستحقة تستطيع الحصول خلال كل واحدة من الدفعات على مبلغ 2400 شيكل كحد أقصى ببطاقة مشحونة للاستخدام في شبكة شوفرسال، وذلك وفقًا لعدد الأنفس في العائلة، وبالمجموع 7200 شيكل في الثلاث دفعات كحد أقصى لشراء غذاء في شوفرسال.

وجاء في التقرير أنه قد أخذت تظهر منشورات مصممة في مدن مختلفة تزف بشرى انطلاق المشروع وتحيّي بشكل شخصي الوزير آرييه درعي على هذه الخطوة. ففي مدينة بيتح تكفا، على سبيل المثال، يحمل المنشور توقيع القائم بأعمال رئيس البلدية، الحاخام إلياهو غينات، مع شعار الفرع البلدي لحركة شاس، وفي بلدية تل أبيب سارع عضو البلدية عن حركة شاس، إلحنان زفولون، الى كيل المديح للوزير درعي مع نشر صورته على المنشور، وهناك العديد من الأمثلة الأخرى.

وقام الموقع بفحص الأمر مع البلديات والمجالس المحلية، لكنه لم ينجح في تلقي أجوبة شافية حول الموضوع، بينما تلقى جوابًا من بلدية في الشمال من موظفة الرفاه الاجتماعي، حيث قالت: "بما يتعلق بالوزير درعي، فإن القضية في المحكمة العليا، فأعضاء كنيست ووزراء قدّموا التماسًا في محكمة العدل العليا ضده، لأن ذلك يعتبر رشوة انتخابات."

وحسب معطيات جمعية "لاتيت"، فإن نحو ربع العائلات في إسرائيل، حوالي 656 ألف عائلة، تعيش دون أمن غذائي، من بينها 286 ألفًا دون أمن غذائي خطير. وعدد الأطفال الذين يعانون من حالة عدم الأمن الغذائي يصل الى 800 ألف. وفي شهر تموز، بعد أربعة أشهر من تفشي جائحة الكورونا، تم التبليغ عن أكثر من مليوني شخص اضطروا الى تقليص كمية الطعام الذي يتناولونه، كما قاموا بتقليص المصروفات، وبالأساس مصروفات الغذاء.

ومن الجدير بالذكر، أن الدفعة الأولى من توزيع قسائم الغذاء انطلقت في 28 كانون الثاني (قبل أيام) وتتم الدفعة الثانية في 25 شباط والثالثة في 4 آذار.

أما بما يتعلق بمعايير الاستحقاق لقسائم الأمن الغذائي فهي مشروطة بنسبة التخفيض المعطاة على الأرنونا وهي 70%، وذلك حسب القائمة التي تحوّلها السلطات المحلية الى وزارة الداخلية. هذا بالإضافة الى معيار آخر يتعلق بالدخل. وكل من يستوفي المعايير المذكورة، حسب المعطيات في أقسام الجباية في السلطات المحلية، يعتبر ذا استحقاق لبطاقة الغذاء دون الحاجة لتقديم طلب خاص، حيث تصل الى بيته بواسطة مندوب"، كما أقرّت وزارة الداخلية.

وفي التماسها للمحكمة العليا ادّعت حركة جودة الحكم أن المعايير التي تحدّدت للمشروع "تم ملاءمتها لشريحة سكانية معيّنة". وحسب المعطيات التي قدّمتها الحركة، فإنّ 45% من بيوت الحريديم لديها استحقاق تخفيض في الأرنونا، مقابل 25% من البيوت العربية، و4% فقط من بيوت اليهود غير الحريديم. وقالت الحركة "إن استخدام معيار الأرنونا قد يؤدي الى وضع تتخطى فيه المساعدة عائلات كثيرة ليس لديها استحقاق تخفيض في الأرنونا بسبب مكان سكنهم أو بسبب غياب إمكانية تحصيل الحقوق أو لسبب آخر".

وخلال مناقشة الموضوع في لجنة الداخلية في الكنيست اقتبست عضو الكنيست إيمان خطيب، من القائمة المشتركة، معطيات تم عرضها من قبل مركز عدالة، حيث توجّه هو أيضا لوزير الداخلية بطلب تغيير معايير الاستحقاق لقسائم الغذاء: "حسب استطلاع التأمين الوطني من شهر أيار 2020 وجد أن 75% من المستطلعين في المجتمع العربي أبلغوا عن صعوبات في شراء الغذاء لأسباب اقتصادية". وأضافت: "في السنة الأخيرة أضيف الآلاف أو عشرات الآلاف من العائلات في الدولة، وليس فقط في المجتمع العربي، غير المعروفة للرفاه أو ليست ذات استحقاق للتخفيض في الأرنونا. وإذا نظرنا الى الشباب، على سبيل المثال، فإنهم لا يستحقون شيئًا ولكن جزء كبير منهم خرج للبطالة، وجزء منهم طلاب جامعة لا يوجد لديهم من أين يدفعون أقساط التعليم، ويجب الاهتمام بتغذيتهم".

وأشارت خطيب الى السكان البدو في النقب، فأكدت أن 66% منهم يعيشون تحت خط الفقر (حسب معطيات التأمين الوطني لعام 2019)، "هؤلاء السكان غير محسوبين بتاتًا وليسوا مشمولين في المعايير، فهم يعيشون في قرى غير معترف بها ولا توجد لديهم أرنونا هناك أصلا".
أما بما يتعلق بالمواد الغذائية التي يمكن شراؤها لمن لديهم استحقاق، فإن النقاش الذي دار في الكنيست حول الموضوع وصل الى طريق مسدود. وقد أوصت البروفيسور رونيت أندفيلت من وزارة الصحة، بأن لا تكون قسائم الشراء فقط لاختيار حر للأغراض، بل للأغذية الصحية التي يمكنها أن تقوي جهاز المناعة مقابل الكورونا. وقالت "نحن أمام وباء صعب مع التفشي الخطير للمرض، ونحن نريد أن يكون الغذاء الصحي جزءًا منها". وبالمقابل، ادّعى عضو الكنيست موشيه أربيل من شاس أن تحديد أنواع الأغذية التي يمكن شراؤها بقسائم الغذاء هو خطوة استعلائية لا تراعي حساسية الأمر وتسبب الإحراج للحاصلين على المساعدة عند وصولهم الى الصندوق للدفع".

وفي ردّها على توجّه "شومريم" جاء من وزارة الداخلية باسم الوزير درعي: "وزارة الداخلية استعدت لتقديم مساعدة للفئات السكانية ذات الاستحقاق لشراء غذاء ومنتجات ضرورية بواسطة بطاقات مشحونة. وقد انطلق البرنامج، رغم تعقيداته وحجمه الكبير، وفي نهاية المطاف سيساعد نحو 150 ألف عائلة محتاجة تضررت اقتصاديًا نتيجة أزمة كورونا. وهذه مبادرة تشجعها الوزارة دون تدخل وزير الداخلية في العملية باستثناء تجنيد الميزانية ذات الصلة، وكان ذلك قبل اتخاذ القرار بإجراء انتخابات أصلا".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]