ازداد تمثيل النساء في الكنيست على مر السنين، لكن إسرائيل لا تزال في وضع منخفض مقارنة بالعديد من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية -. لم تشغل النساء قط منصب رئيس لجان مهمة، وشغلت امرأة واحدة فقط منصب رئيسة الكنيست. وتحتل إسرائيل المرتبة 26 من أصل 37 في تمثيل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمرأة في البرلمان - ومن المتوقع أن يصل التمثيل النسائي في انتخابات الكنيست الرابعة والعشرين إلى انخفاض أكثر حدة في تمثيل النساء في الكنيست. وفي الوقت الذي قالت تمار زاندبرغ من ميرتس انه يجب "إلزام الأحزاب بتمثيل المرأة" ، اكدت اليمينة ايليت شاكيد: "لا يوجد تمييز ضد المرأة في السياسة"

مكانة النساء تراجعت

المحامية والناشطة النسوية رواية حندقلو قالت: في الحقيقة هذه المعطيات ليست مفاجئة ابدا، على الرغم من محاولة البعض اظهار معطيات اخرى تظهر قفزة نوعية في مشاركة النساء السياسية في الكنيست وتوليهن مناصب في الحكومة الحالية. فما زال هناك احزاب لا تتضمن نساء ولا تسمح للنساء للترشح في صفوفها وعادة تكون هذا الاحزاب جزء من الحكومة.

وتابعت: عدا طبعا عن العنف الجندري والاستهزاء الذي يعانين منه عضوات البرلمان من قِبل زملائهن او الجمهور. نحن في سنة 2021 ومازال هناك سقف زجاجي أمام النساء عامة والنساء العربيات خاصه في الانخراط والاندماج في السياسة والترشح للكنيست، وعدم وجودهن في الاماكن الاولى والحقيقة. حتى وان ام كسر هذا السقف فهو موجود ايضا داخل اروقة الكنيست حيث ان عضوات البرلمان يتولين في الغالب ملفات ثانوية، ويترأس الرجال الملفات الرئيسية والتي في سلم أولويات الدولة مثل الامن، الخارجية، القضاء والمالية.

وأوضحت قائلة: يجب اخذ موضوع تمثيل النساء، ترشحهن وانخراطهن في العمل السياسي على محمل الجد- فإذا نظرنا الى حملات الانتخابات الحالية سنرى ان مكانة النساء تراجعت. فهناك تغيير مجتمعي يجب ان يحدث حول رفع الوعي لأهمية مشاركة النساء في العمل السياسي تماما كما تتواجد نساءنا وبقوة في العمل الاجتماعي.

ونوهت: الحل يتعدى منظومة الكوته حيث ان الاهم من عدد النساء هو ماهية نوع المسؤولية والاهمية، والاجندة التي تحملها هذه النساء. حيث يوجب عليها تبني الفكر النسوي وأن وتعمل من أجل اجندة نسوية واضحة للجميع بدون تأتأت. على الرغم من التغييرات الايجابية التي تحدث في مجتمعنا بكل ما يخص النساء الا انه ما زال امامنا طريق شاق من اجل تغيير مجتمعي حقيقي حول مكانة النساء وليست نجاحات فردانية.

لا جدوى بتمثيل نسائي دون أجندة نسوية تحارب الذكورية والسيطرة والتعنيف على كل اشكاله

المحامية عبير بكر قالت حول الموضوع ل "بكرا": بشكل عام وجود تمثيل نسائي هو امر مهم ظاهريًا وجوهريًا. بالسياق الاسرائيلي لا أرى تأثيرًا كبيرًا على وضعنا كفلسطينيين لأنه مواقف النساء للأسف تتماهى مع المواقف الحزبية. طموحنا هو لوجود نساء تؤمن بمبادئ الحرية والعدالة للجميع وما لا يرضونه للمرأة الاسرائيلية من قمع واستغلال يجب ان لا يرضونه للمرأة الفلسطينية سواء في غزة ام الضفة المحتلة ام يافا. من يقبل ان يكون بحكومة تنوي استمرار نهب الاراضي وقمع الفلسطينيين فهو مع القمع ولا أرى اي اهمية لكونه امرأة في هذه الحالة لأن الموقف اهم من الجندر. ميري ريچيب، تسيپي حوطوبيلي وايليت شاكيد هن نساء يحظون بتأييد جماهيري من اوساطهن ليس لكونهن نساء، بل لعدائية مواقفهم تجاه الفلسطينيين ولتأييدهن استمرار الاحتلال واقصاء كل من يجرؤ على محاولة تغيير النظام.

عدم استقرار البرلمان في إسرائيل يمنع من النساء تعظيم فرصهن

المحامية والنسوية ميساء غرابلة قالت بدورها: ‏من حيث المبدأ يحق لنصف سكان البلد الحصول على نصف الكراسي حول كل طاولة تصنع قرار. ولكن أبعد من ذلك وعلى الرغم من وجود أعضاء كنيست شركاء في تعزيز حقوق المرأة أثبت لنا التاريخ أننا بحاجة إلى أعضاء كنيست نساء لأن هناك قضايا نادرا ما يتعامل معها أعضاء الكنيست المذكور، هناك قضايا حساسة مثل قتل النساء والعنف ضد المرأة، هم القضايا التي تم التعامل معها تاريخيا بشكل رئيسي من قبل النساء. يعتبر تمثيل المرأة في مراكز صنع القرارات جزءا مهما.

‏ونوهت: عدم استقرار البرلمان في إسرائيل يمنع من النساء تعظيم فرصهن ويجعلهن في نهاية المطاف يخضعن في مناصب وزارية ذات شؤون كذابة.‏ اليوم بعد إغلاق قوائم الكنيست يجب على الأحزاب التأكد من وجود نساء رئيسية في فرق التفاوض والاحتفاظ ببند في اتفاقيات الائتلاف التي تثبت بناء آلية لتمثيل النساء في قوائم الكنيست. تشمل هذه المناصب مناصب خدمية والمكاتب التنفيذية للوزارات والمناصب التنظيمية العليا. التمثيل المتساوي للمرأة والرجل في النقاط المحورية أمر بالغ الأهمية لتوسيع وجهات النظر واتخاذ قرارات جيدة.

لماذا ما زال حتى الان الحضور النسوي قليلا

النائب السابق والنسوية نيفين أبو رحمون قالت معقبة: مشاركة وتمثيل النساء في الجهاز السياسي بشكل عام ما زال يشكّل لنا قضيّة حارقة خصوصا أن العزوف عن الحقل السّياسي يكون نتاج تنميط لدور المرأة الذي يحدده المجتمع بشكل عام. ولكن، مهم الإشارة أن هنالك قفزة كبيرة في التوجه السياسي على الخارطة السياسية وأيضا في السياسية الفلسطينية في الداخل، بدون شك هذا كان نتيجة مراكمة لعمل الاحزاب والجمعيات النسوية التي فرضت خطاب تقدمي من أجل اتاحة ذلك.

وتابعت: يبقى السؤال اليوم لماذا ما زال حتى الان الحضور النسوي قليلا؟ بدون شك عالم السياسة هو عالم شفاف جدا، اضافة الى أن الاحزاب لها تصورها في تعاملها مع قوائم الترشح والذي للأسف في نهاية الامر ينتهي في ترشح امرأة واحدة. بمعنى أن نساء الاحزاب هي أيضا مطالبة في الدخول في تحديات من أجل الوصول الى مناصب صنع القرار. التجمع كان أول من خاض سياسية التحصين من أجل اتاحة فرص أكبر للنساء، ولكن حتى ذلك لم يعد كافيا. ونحن بطبيعة الحال، نريد نسائنا أن تكون جزء اساسي من لجنة المتابعة والمشتركة وكافة المؤسسات السياسية الفلسطينية واللجان الشعبية في بلداتنا، نحن شريكات في الحيّز العام وعلينا ان تكون لنا بصمة في رسم ملامح مستقبل مختلف لأطفالنا. وهذا يحدث فقط من خلال التعبئة والتثقيف وتدعيم النساء من أجل بناء مكانة اجتماعيّة ووطنيّة تكون المرأة جزء أصيل منها للنهوض بمجتمعنا. المرأة الفلسطينية كانت على مدار سنوات شريكة في النضال والمشهد الوطني والانتفاضة، ونريدها كذلك تقف اليوم في أهم المؤسسات السياسية من أجل وضع سياسات ورؤية لمجتمعنا.

بعيدين كل البعد عن المساواة التامة في التمثيل النسائي في الكنيست

الدكتورة المحاضرة رنا زهر قالت ل "بكرا": رغم الازدياد في عدد النساء في السياسة المحلية والقطرية؛ نحن ما زلنا بعيدين كل البعد عن المساواة التامة في التمثيل النسائي في الكنيست. المعدل العام في العالم لنساء في البرلمان يقف عند 23.8 بالمئة (بحسب تقرير الأمم المتحدة لعام 2017)؛ وفي البلاد عامة وصل قبل عدة أعوام لقرابة ال 30 بالمئة (مع العلم والتشديد أن التمثيل النسائي ليس بالضرورة دائما نسوي بأيديولوجيته) واما حصة النساء العربيات الفلسطينيات في البلاد من هذه النسبة هي منخفضة رغم العمل المضني في الحقل وداخل الأحزاب وفي المجتمع المدني لزيادة نسبة النساء العربيات في الكنيست. الاسباب لعدم مشاركة النساء في السياسة هي كثيرة ومتشعبة؛ وربما أكثرها ذكرا هو الوضع الاجتماعي والاقتصادي للنساء العربيات في البلاد بشكل عام؛ والخلفية الثقافية والعقلية الذكورية الأبوية في مجتمعنا التي تمنع النساء من الوصول لهذه المناصب المحسوبة على الرجال بمجتمع كمجتمعنا؛ وغيرها من التقييدات المجتمعية. كل هذا صحيح ولكن يمكن التغلب على كل هذه العقبات إذا وجدت النية من قبل الحكومات والأحزاب. فعلى سبيل المثال؛ البلدان التى بلغت مستويات عالية من التمثيل النسائي في البرلمانات في العالم في كثير من الأحيان ليست الأفضل بالنسبة للنساء على جميع المستويات، مثل رواندا (61 بالمئة في مجلس النواب)؛ وبوليفيا (53.1 بالمئة) وكوبا (53.2 بالمئة)؛ غرينادا (64.7 بالمئة) وغيرها؛ بحسب معطيات الأمم المتحدة لعام 2018.

وتابعت: السر في نجاح النساء في هذه البلدان يكمن بان العديد من هذه الدول قامت مؤخرا بمراجعة القوانين الخاصة بالمشاركة السياسية، وتقديم الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي تضمن مشاركة النساء في السياسة رغم أن وضع النساء اقتصاديا واجتماعيا ليس جيدا بشكل خاص؛ ومع العلم أنه من الصعب الفصل بين الوضعيتين. ومع ذلك، تم العمل وبنجاح على سد الفجوات الجنادرية بالتمثيل السياسي. لا يكفي فقط ان يضمن القانون الإسرائيلي بدفع محفزات مادية؛ على سبيل المثال؛ للقوائم التي تشمل نساء بمكان مضمون؛ عليه أيضا معاقبة من لا يفعل ذلك. لا يكفي؛ مثلا؛ أن تضع أحزابنا بمواثيقها بنودا تهدف إلى زيادة تمثيل النساء في البرلمان؛ إنما عليها ضمان ذلك عن طريق تفعيل نظام الكوتة وأساليب أخرى. هناك مسؤولية كبيرة تقع على أكتاف المشرعين؛ الأحزاب والمجتمع المدني لسد الفجوات بين النساء والرجال في الكنيست؛ ولكن على النساء والرجال الديمقراطيين التقدميين مسؤولية لا تقل اهمية؛ فالحق يؤخذ في غالب الاحيان؛ لا يعطى للأسف.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]