بدون سابق إنذار ومع دخول اليوم السابع للعدوان في تمام الساعة 12:00، علت أصوات الطائرات الحربية الإسرائيلية في سماع قطاع غزة، وما هي إلا ثوانٍ حتى بدأت أصوات الانفجارات تدوي في جميع أرجاء القطاع بوابل من الصواريخ الحربية الاسرائيلية الفتاكة، مخلفة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، عقب قصف عمارات سكنية فوق رؤوس ساكنيها.

ليلة جديدة أكثر شدة من الليلتين الماضيتين، لم يستطع المواطنون النوم بأطفالهم ونسائهم، كل ينتظر مصيره.. الآباء يحتضنون أطفالهم الذين علت صرخاتهم من شدة الغارات، وأمهات يرتدين ملابس الصلاة تحسباً لأي طارئ من تعرض المنزل الذي يأويهن للقصف.

وفي حوالي الساعة الثانية فجراً، بدأت تتكشف الأهداف التي قصفتها الطائرات الحربية الاحتلالية وتمثلت في تدمير البنية التحتية حيث استهداف شارع مستشفى الأندونيسي شمال قطاع غزة، ومنطقة جبل الريس، والمنطقة الحدودية، وكذلك محافظة خانيونس ورفح والوسطى، حيث تم استهداف الشوارع والأراضي الزراعية.

وفي مدينة غزة وتحديداً في شارع الوحدة وسط مدينة غزة، كان المشهد أكثر إيلاماً عندما تبين أن ثلاث عمارات سكنية مأهولة بالسكان تم قصفها فوق رؤوس ساكنيها، ومازالت طواقم الإنقاذ والدفاع المدني تنتشل جثامين النساء والأطفال والشيوخ من تحت الأنقاض، حيث بلغ عدد شهداء المجزرة حتى الآن نحو 26 شهيداً والعشرات مازالوا تحت الأنقاض.

وإلى جانب ذلك، فقد استهدف الطيران الحربي شارع الوحدة نفسه، والشوارع الفرعية منه، حول مطعم بالميرا، وشارع السفارة المصرية، والشوارع المحيطة بشركة جوال في شارع الجلاء، ومحيط ملعب فلسطين، والشوارع المحيطة بمجمع الشفاء الطبي، وهو أكبر مستشفى حكومي في قطاع غزة، بشكل يمنع سيارات الإسعاف من الدخول أو الخروج للمستشفى بفعل الخراب الذي أحدثته الصواريخ في الشوارع، والتي أثرت على منازل المواطنين الآمنين المطلة على تلك الشوارع. وكلها تقع في قلب مدينة غزة وقريبة من بعضها البعض.

شهود عيان يرون ما جرى

وفي شمال قطاع غزة، وتحديداً في منطقة تل الزعتر التي أسكن بها، فتعد الليلة الثالثة من الرعب والخوف للأطفال والنساء الذين لم تغمض أعينهم من أصوات الانفجارات جراء الصواريخ التي أطلقتها طائرات ومدفعية وزوارق الاحتلال الحربية، التي أتت على الشوارع المؤدية لمستشفى الأندونيسي، والمنطقة الحدودية، والاستراحات على شاطئ البحر.

بينما أكد عدد من شهود العيان في مدينة غزة أن الليلة كانت بمثابة جحيم على سكان شارع الوحدة، من شدة الغارات وكثافتها، وتساقط نوافذ المنازل والشقق السكنية، وما أحدثته تلك الأصوات من رعب في نفوس الأطفال الذين لم يستطيعوا النوم وهم يصرخون ويتمسكون بهم.

وأضاف أحد شهود العيان وعلامات التوتر تسيطر عليه، بعد نحو 10 ساعات من انتهاء القصف، أن مشهد الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي، يؤكد أنه لا مكان آمن في غزة، والقطاع كله تحت نيران القصف الحربي الإسرائيلي، متسائلاً ما ذنب هؤلاء المدنيين في تدمير المنازل فوق رؤوسهم؟ وما ذنب الأطفال أن يعيشوا الخوف والرعب والصراخ الدائم؟.

المدنيون في عين عاصفة ورأس أهداف الاحتلال

المحامي راجي الصوارني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أكد أن مشهد الدمار والخراب الذي لحق بالعمارات السكنية منذ اليوم الأول للعدوان، وما جرى الليلة بحق عائلتي الكولك وابو العوف وعائلات أخرى في المكان، ينطق بنفسه على أن ما حدث هي جرائم واضحة ضد الإنسانية ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيلية، مشدداً على أن المستهدفين هم المدنيون من الأطفال والنساء والرجال، انهمرت الصواريخ فوق رؤوسهم، دون سابق إنذار. مضيفاً أن هذه الجريمة تضاف لسلسلة جرائم الاحتلال التي اقترفها بحق المدنيين العزل.

وقال الصوراني: نحن أمام مجازر كبيرة ارتكبت بحق المدنيين، وما مجزرة عائلتي آل أبو العوف وآل الكولك إلا جزءاً من تلك الجرائم التي استهدفت عائلات أخرى كعائلة الطناني شمال القطاع، وعائلة أبو حطب في مخيم الشاطئ وعائلات أخرى (..)، ومجازر تدمير الأبراج السكنية والمؤسساتية كبرج الجوهرة وبرج الجلاء وبرج الشروق وبرج هنادي، وبرج الأندلس وبرج مشتهى، إلى جانب المنازل والشقق السكنية والبنوك ومراكز الشرطة والشوارع، وهذه الجرائم كلها دليل واضح وقاطع على أن الاحتلال الإسرائيلي يضع في عين العاصفة ورأس أهدافه المدنيين للضغط على القيادة السياسية والمقاومة كي تستسلم، بفعل عدم قدرتهم على مواجهتها وإلحاق الأذى بها وتحجيمها، لذلك ينتقموا من المدنيين العزل.

وشدد الصوراني على أن ما يجري هو عار على جبين كل من تورط من المستوى السياسي والامني والعسكري الإسرائيلي في هذه الحرب باستهداف المدنيين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]