رفضت محكمة العدل العليا، جميع الالتماسات المقدمة ضد قانون القومية.

وأثار هذا الرفض، حفيظة الجماهير العربية في اسرائيل.

وقال الاخصائي الحقوقي والنائب السابق د. يوسف جبارين لبكرا: المحكمة العليا صادقت اليوم على احد اخطر القوانين العنصرية التي شرعتها الكنيست، وصادقت بذلك على تعميق التمييز القومي وعلى الفوقية اليهودية بالقانون الدستوري الاسرائيلي، وهي بهذا القرار تعطي عمليًا الضوء الأخضر لليمين ليواصل تشريعاته العنصرية وممارساته الاستبدادية.

وأضاف جبارين: ان اغرب ما في قرار المحكمة الادعاء بان قانون القومية لا يتناقض مع القانون الدولي، بينما الحقيقة هي ان قانون القومية هو ابعد ما يكون عن المبادىء الاساسية للقانون الدولي وخاصة مبدأ المساواة والمواطنة المتساوية وعدم التمييز بين المواطنين".

واختتم جبارين: النضال الجماهيري في البلاد ضد القانون سيتواصل وعلينا تعزيز هذا النضال، كما وسنعزز في الفترة القريبة من مرافعتنا الدولية ضد هذا القانون امام المحافل الدولية، بما في ذلك طلب جلسة خاصة لبحث الموضوع في مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة. لن نقبل بمكانة دونية في وطننا.

قرار متوقع 

وبدوره، قال المحامي رضا جابر لبكرا: هذا القرار كان متوقعاً خصوصاً وان القضاة خلال المداولات اشاروا بصورة غير مباشرة بأنهم لن يتدخلوا فيه. ومنذ البداية كان رأيى بأن التوجه الى المحكمة بهذا الموضوع هو خطأ واننا علينا ان نكون أكثر حذرا بالتوجه الى المحاكم الاسرائيلية بالقضايا الجوهرية لان المحكمة تعمل في سياق الاجماع الصهيوني بالنسبة لجوهر الدولة ولذلك بمثل هذه القضايا نحن نثبت قانونيا الامور ونعطيها بعداً ديقراطيا لاننا احتكمنا للقضاء وكأنه قضاء متزن وبمسافة واحدة بيننا والدولة.

وتابع: علينا ان نتعلم من هذا القرار بالنسبة لاستراتيجيتنا مستقبلا وان لا نتسرع باللجوء الى المحكمة العليا التي تركيبتها بدأت تتغير وان بعدها الليبرالي آخذ بالانحسار لصالح البعد المحافظ- القومي.

وأنهى كلامه: لا استطيع ان ادخل بحيثيات القرار لانه بحاجة الى قراءة متأنية والى دراسة أعمق ولكن بهذه اللحظة استطيع ان أقول بأن يهودية الدولة ليست أمرا شكليا وتصريحيا وانما هو يتداخل بعمق سياسات الدولة اتجاهنا. قانون القومية هو المسطرة التي ستقاس عليها توجهات الدولة بعمقها اتجاهنا. ولذلك هذا القرار هو من أسوء القرارات وأخطرها.

نواصل النضال 

وقال مدير عام مركز مساواة - جعفر فرح لبكرا: قرار المحكمة متوقع، فقد صادقت العليا على قانون المواطنة، وهدم المنازل والاوامر الادارية. معركتنا أخلاقية سياسية وليست قانونية. نحن اصحاب البلاد وسنسكن فيها وسنتحدث بلغتنا ونواصل نضالنا لتغيير العقلية العنصرية للاغلبية البرلمانية التي سنت القانون والمحكمة التي صادقت عليه.

خانة التمييز العنصري 

وقال المحلل السياسي محمد دراوشة لبكرا: رفض المحكمة العليا إلغاء قانون القومية يضعها في نفس خانة التمييز العنصري، بالضبط مثل مؤسسة الكنيست التي سنته عام 2018. في هذا القانون كل عناصر العنصرية الطبقية التي تستند الى الانتماء القومي والديني. قانون يعتبر ان مواطنة العربي اقل قيمة من مواطنة اليهودي، حتى ولو لم يكن هذا مواطناً في الأصل. اليهودي يحصل من خلال هذا القانون على امتيازات متعددة، أهمها ملكيته للثروات العامة في الدولة، ومصادرة مواردها السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية لخدمة مصلحة القومية اليهودية.

وتابع: من هذه الثروات والامتيازات نبدأ بشرعية الانتماء للدولة التي تنكمش لتتناسب مع الحجم اليهودي فقط، وليس الحجم المدني في دولة ديمقراطية. إضافةً الى السيطرة على الأراضي، والتخطيط والتنظيم للإسكان، لخدمة اليهود فقط، على اعتبار انتماء عرقي، وليس حسب اعتبار المواطنة المدنية في دولة نظامية. ويقذف القانون مبدأ المساواة الى سلَّة المهملات، ويُمأسِس مبدأ التسلسل الهرمي بين العرب واليهود، واضعاً اليهود في رأس الهرم، في حين يهبط العرب الى ادناه، لتتعامل معهم الدولة كأفراد فقط وليس كجماعات. وهنا نفقد حقوق كثيرة مثل تعريفنا كأقلية قومية ذات حقوق بالحفاظ على خصوصيتها وهويتها، ولغتها، وثقافتها، ومؤسساتها، وانتمائها للثقافة العامة، والهوية الشمولية في للدولة.

وأوضح: فعلياً وقانونياً تتنازل اسرائيل عن مشروع دولة مدنية جامعة، لصالح مشروع دولة فئوية انطوائية. وبذلك تفضََِّل اسرائيل التشابه مع دول قومية قامعة للأقليات التي تعيش فيها، وترفض احترام حقوق الانسان الجماعية، وخاصةً حقوق الشعب الأصلي الذي نشأ وترعرع في موطنه. نحن لسنا من هاجر الى اسرائيل ليتلاءم معها ومع هويتها، بل ان اسرائيل هي التي هاجرت الينا، وعليها واجب التأقلم مع وجودنا كمتساوين في القيمة الانسانية والمدنية والسياسية.

وتابع: لا يمكن لعربي يحترم نفسه، ويحترم هويته، ويحترم انتمائه، ويعتبر ان لنفسه قيمة ان يقبل بهذا القانون، أو أن يتعايش معه. هذا القانون المُشرعَن الآن من المحكمة العليا سيبقى وصمة عار في جبين هذه الدولة وهذا الشعب حتى الغائه الكامل من سِفر القوانين. فالمحكمة التي شرعنتهُ حكمت حسب قوانين ومعايير وقيم ملتوية اصلاً، وليس حسب اعتبارات المساواة لقيمة الانسان، أو مساواة لقيمة المواطن، والقيم الديمقراطية الحقيقية. ولذلك لا يمكن ان نقبل هذه الشرعية المَحكَميَّة على انها شرعية أخلاقية لهذا الموقف اللا-أخلاقي. في السابق شعرت بالإهانة كعربي من هذا القانون، أما الآن وبعد مرور ثلاث سنوات عليه، فالشعور الغالب هو الشعور بالقرف من كل من كانت له باع وكانت له يد، أو يحاول تأويله أو تفسيره، أو ترويجه بأي ادعاء قانوني أو سياسي كان.

وأنهى كلامه:لكل من يقف خلف هذا القانون أقول ان موقفكم مقزِّز. وانكم فقدتم الفرصة لنقبل بكم كشركاء شرعيون في مشروع اقامة مجتمع مدني وديمقراطي. فوقيتكم هي عار عليكم، ولا تثير بنا سوى الاشمئزاز، ولا مجال للحوار، ولا مجال للحديث عن مساواة، الا بعد حذف هذا العار من جبينكم.

قانون الشمل مؤشر على طيقة العمل 

وبدوره، قال المحامي والقيادي في الجبهة سامح عراقي: القانون يرسخ الفوقيّة اليهودية، وهذا ما تؤكده المحكمة العليا حين تشرعن قانون غير دستوريّ ومنافٍ للقانون الدوليّ الذي يمنع القوننة التي تؤدي إلى تشريع الفصل العنصريّ.

واضاف: القانون لا يعترف بالحق الجمعيّ للأقلية العربيّة، مقابل منح حقوق حصرية ومتعددة لليهود، وهذا الوضع الذي عهدناه طوال الوقت، فلطالما شرعت الكنيست قوانين قلصت من هوامش العمل السياسي للفلسطيني في البلاد، وفي المقابل شرعت قوانين أخرى منحت اليهودي حقوق اضافية، الأمر الذي يؤكد أنّ مبدأ المساواة في إسرائيل قائم على الأثنية.

وقال: يطرح السؤال كيف يتوجب علينا التعامل مع القانون؟! الحل هو فرض مكانتنا السياسية من خلال النضال المستمر، النضال الذي بدأنا به من سنين وعدم الخنوع والاستسلام لقوانين اللعبة. ما حدث مع قانون "لم الشمل" يؤكد أنّ النضال المستمر والمنهجي قادر على التأثير على السياسات، ومن المهم الا ننسى أنّ المحكمة شرعت ايضًا القانون لمدة أعوام لكن أسقطه النضال، وهذا ما يجب أن يكون الآن.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]