أثارت سيطرة حركة "طالبان" الخاطفة على أفغانستان، بعد حرب استمرت 20 عاماً وأزهقت أرواح مئات الآلاف، تساؤل بريطانيا، أوثق حلفاء الولايات الأوربيين: هل عادت أميركا حقاً مثلما وعد الرئيس جو بايدن؟

وصف وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، اتفاق الانسحاب الذي أبرمته إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، مع "طالبان" في الدوحة عام 2020 بأنه "اتفاق عفن".

وقال والاس إن قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان كان خطأً مكّن "طالبان" من العودة إلى الحكم.
 
وبعد الصخب الذي اتسمت به رئاسة ترامب، كرر بايدن الوعد بأن "أميركا عادت"، ويثير بعض الدبلوماسيين البريطانيين التساؤلات ليس فحسب بشأن هذا التقييم بل أيضاً عن آثاره على الأمن القومي على المدى البعيد.

مسؤول بريطاني تحدث لوكالة "رويترز"، قائلاً: "هل عادت أميركا أم أدارت ظهرها؟"، مضيفاً أن "الأمر إلى حد بعيد يبدو كما لو أن الأميركيين عادوا إلى بلادهم بطريقة ترامب إلى حد ما؛ في عجلة وفوضى وذل".

وتخشى مصادر أمنية غربية من أن يكون بإمكان "القاعدة" التي وفرت حركة "طالبان" لمؤسسها أسامة بن لادن المأوى، قبل هجمات 11 أيلول/سبتمبر، كسب موطئ قدم مرة أخرى في أفغانستان في غضون شهور.

كما قورنت صور طائرة هليكوبتر تقوم بإجلاء دبلوماسيين من السفارة الأميركية في كابول بأخرى التقطت عام 1975، وظهرت فيها طائرة هليكوبتر تلتقط الدبلوماسيين من فوق سطح السفارة الأميركية في سايغون.

كرر بايدن القول إن "استمرار الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان لن يغير وضعها تغييراً كبيراً إلا إذا استطاع الجيش الأفغاني الإمساك بزمام الأمور".

لكن الدبلوماسيين البريطانيين قالوا، بعد سقوط كابول، إن "كارثة أفغانستان ستقوّض مكانة الغرب في العالم وتوحّد صفوف المجاهدين في كل مكان وتقوّي حجج روسيا والصين، بأن الولايات المتحدة وحلفاءها يفتقرون للهمة والقدرة على إنجاز المهام في الظروف الصعبة".

هذا وقال، مارك سيدويل، الذي كان أكبر موظف مدني ومستشار الأمن القومي في حكومة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إنه "من الواجب أن نكون واضحين بشأن هذا: هذه لحظة مذلة للغرب".

وتساءل بعض المحاربين القدماء البريطانيين عن التضحيات التي قدموها. وتحدث بعضهم عن "شعور بالخيانة". وقال البعض إن زملاءهم القتلى ماتوا "هباءً".

أما جاك كامينجز، وهو جندي بريطاني سابق فقد ساقيه في أفغانستان، في 14 آب/أغسطس عام 2010، فتساءل: "هل كانت (الحرب) تستحق مني ذلك؟ ربما لا. هل فقدت ساقيَ بلا مقابل؟ يبدو ذلك. هل مات رفاقي هباء؟ نعم".

وتابع كامينجز: "كثير من المشاعر تجيش داخلي: غضب، خيانة، حزن.. (هذا) قليل من كثير".

وفقدت بريطانيا 457 من أفراد قواتها المسلحة في أفغانستان، أي 13% من قتلى التحالف العسكري الدولي وعددهم 3500 قتيل منذ 2001.

وتشير تقديرات "مشروع تكلفة الحرب" في جامعة براون إلى أن 241 ألفاً لقوا حتفهم كنتيجة مباشرة للحرب، وإلى أن الحرب كلفت الولايات المتحدة 2.26 تريليون دولار.

الجدير بالذكر أن الإمبراطورية البريطانية عانت من الإذلال في أفغانستان خلال الحرب الإنجليزية الأفغانية من عام 1839 إلى عام 1842، لكن بعد هجمات "القاعدة" على الولايات المتحدة، في 11 أيلول/سبتمبر 2001، انضم رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت، توني بلير، إلى الرئيس الأميركي، جورج دبليو بوش، في غزو أفغانستان للإطاحة بـ"طالبان".

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، توم توجيندات، إن "سقوط كابول أكبر كوارث السياسة الخارجية منذ السويس".

وقال توجيندات الذي كان جندياً بريطانياً في كل من العراق وأفغانستان، إن الكارثة "كشفت عن طبيعة القوة الأميركية وعجزنا عن أن يكون لنا موقف منفصل".

من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم أمس الإثنين، إن "التدخل في أفغانستان لم يكن ناجحاً بالمقدار المأمول به".

واعتبرت ميركل أن "الوضع في أفغانستان مرير وأسباب سياسية داخلية أميركية ساهمت في قرار سحب القوات الغربية منه"، مضيفةً أن "انسحاب القوات الغربية من أفغانستان كان له تأثير الدومينو".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]