مَن يتابع وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمع العربي، سيرى وبشكل واضح، أن الاهتمام بموضوع الكورونا والتطعيمات، تراجع بشكل كبير، بل وعادت الأصوات التي تنادي بعدم التطعيم، خصوصًا عدم تطعيم الأطفال، تظهر على الساحة أكثر، وينعكس هذا بشكل واضح في الأرقام التي لا زالت منخفضة حتى الآن، فوفق معطيات وزارة الصحة، حتى نهاية الأسبوع الماضي، كانت نسبة الأطفال العرب الذين تلقوا التطعيم 22% فقط، بينما النسبة العامة 44%.

"الصورة في المجتمع العربي في اللقاح الأول كانت جيدة نسبيًا، ظهرت كأنها حملة ترهيب من الوباء، مما جعل كل المواطنين والمجتمع العربي على وجه الخصوص يتلقون التطعيم". يوضح علاء اغبارية – وهو مستشار استراتيجي وخبير تسويق للمجتمع العربي: "سنوات من الإهمال للمجتمع العربي أفقدت المواطن العربي ثقته بالنظام الصحي والمنظومة الحكومية بشكل عام، وجعلت الثقافة الصحية أقل"

لا شيء يستحق أي شيء

وتابع: "المجتمع العربي مجزأ للغاية: مجموعات سكانية مختلفة، وعادات مختلفة، ونزعات استهلاكية مختلفة. وبدلًا من تخصيص حملات وفق هذه التركيبة، معظم الحملات كانت ترجمات للحملات المخصصة للجمهور اليهودي، أعتقد أن الطواقم الإعلانية ربما نفدت الأفكار لديها وتعجز عن ابتكار المزيد، هنالك شعور بأن الحكومة تقلل من ذكاء المجتمع العربي".

"في المجتمع العربي، يملي الجيل الجديد الأجندة اليومية، وهو يعيش وفق تطورات السوشال ميديا، جيل فضولي، يحب التكنولوجيا ويتبع التغييرات اليومية، وهذا الجيل هو الذي يجب أن تكون الرسائل موجهة إليه، ومن خلاله يمكن الوصول إلى كل الأجيال والفئات".

"لا أوافق مع الطرح الذي يقول أن المجتمع العربي لا يقبل على تطعيم أولاده لعدم اهتمامه بموضوع التطعيم، فإقبال الناس على تطعيم أولادهم من باقي الأمراض يثبت عكس ذلك، ولكن هنالك عدة عوامل تجعل الاقبال لتطعيم الكورونا أقل، منها الأخبار المغلوطة (فيك نيوز) التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي" يقول نائب مدير مستشفى الناصرة الإنجليزي، د. أمير عليمي:" نقوم بكل ما في وسعنا لتوعية الناس حول أهمية التطعيم، في وسائل التواصل الاجتماعي وفي كل مكان، وفي النتيجة النهائية سنصل إلى نسبة تطعيم توازي نسبة التطعيم العامة، وهنالك مشكلة أخرى تتعلق بعدم وجود مراكز تطعيم كافية في مناطق الأطراف التي يعيش بها العرب مقارنة بمركز البلاد، ولكن عمومًا التأخير هذا يحصل طوال الوقت في المجتمع العربي، لكن باعتقادي نحن الآن أمام متحور سريع جدًا والوقت لا يخدمنا لذلك نحتاج إلى دعم من كل الجهات التي يمكنها المساهمة في رفع نسبة التطعيم، وبينها طبعًا وزارة الصحة التي ربما يجب أن تكثف حملاتها في المجتمع العربي، ببساطة، الطفل المطعم يحمي نفسه، لكنه أيضًا يحمي العائلة كلها، وتطعيم الأطفال يساهم في عودتهم إلى المدارس بعد أيام، لأن عدم تلقيهم للتطعيمات مع تحول بلداتنا إلى حمراء، سيتسبب باستمرار اغلاق المدارس".

وحول سبب الأرقام المنخفضة للإصابات بالمجتمع العربي حتى الآن مقارنة بالعدد العام، يقول عليمي: "لا اعتقد أن تحول 5 بلدات عربية إلى حمراء بشكل مفاجئ يدل على عدد منخفض من الإصابات، باعتقادي هنالك إصابات مخفية ستظهر في الأيام القادمة، كلما زاد اقبال الناس على الفحوصات سيرتفع العدد، وسيكون الارتفاع كبيرًا في الأيام القادمة، خصوصًا وأننا في موسم أعياد والناس يجتمعون ويشاركون في احتفالات ومناسبات، كذلك يجب أن لا ننسى أن المدارس حاليًا مغلقة ومع عودة الطلاب إلى مدارسهم سترتفع الأرقام من جديد".

ويقول عليمي أن الأرقام الحالية، أقل من 150 مريضًا بحالة خطرة، مقارنة بعدد الإصابات اليومية الجديدة، يؤكد على صحة الأبحاث التي تقول أن تأثير الأوميكرون أقل خطورة من المتحورات السابقة "يتبين حتى الآن أن الأوميكرون يتسبب بأمراض تنفسية في الشعب الهوائية العليا وليس بالرئتين كما كان مع المتحورات السابقة، ونسبة ضئيلة من المصابين بهذا المتحور تتطور حالتهم بشكل خطير، ولكن هذا المتحور ينتشر بشكل أكبر بكثير من باقي المتحورات، وبالتالي فإنه وحتى لو كانت نسبة الحالات الخطرة التي تحصل بسببه أقل من متحورات سابقة، فإن عددها سيفوق ما كان بالمتحورات السابقة لأن نسبة المصابين أعلى بكثير، نحن اليوم نتحدث عن أكثر من 16 آلاف إصابة يوميًا، والتوقعات بأن يتضاعف الرقم اليومي مع تقدم الأيام، وهذه أرقام لم تكن في الموجات السابقة، لهذا نحن نكرر تحذيرنا للناس، والتجربة علمتنا أن الذين لم يتطعموا، كانوا يعبرون عن ندمهم بعد تدهور حالتهم جراء الإصابة، ولدينا عشرات الأمثلة".

لا تعكس الواقع 

منسق الكورونا في المجتمع العربي، أيمن سيف يفسر بأن النسب التي يتم الحديث عنها لا تعكس الواقع بشكل صحيح لأن الحسابات مختلفة ومركبة بعض الشيء، ويقول "اذا أردنا التحدث عن تطعيمات الأطفال، فمثلًا في جيل 5-11 النسبة اليوم هي 7% بينما في المجتمع العام بإسرائيل 15%، ومعظم التطعيمات كانت في الفترة الأخيرة ما قبل بدء عطلة الشتاء في الأسبوع قبل الأخير من الشهر المنصرم حيث كثفنا في المدارس حملات التطعيم ووصلنا إلى نسبة 7%، أي ما يقارب 17 ألف تطعيم، ونسبة المتطعمين للفتية ما بين جيل 12-15 هي 56% وبين جيل 16-18 60%، والنسبة العام في المجتمع العربي لمتلقي الجرعة الأولى هي 66% ولمن تلقوا الجرعة الثالثة هي 65% من الذين يجب أن يتلقوه، وهي نسب قريبة من النسب العامة، هنالك من يحاول أن يصوّر المجتمع العربي بأنه لم يتطعم، وهذا غير صحيح، نعم هنالك تردد، ولكن في النهاية الناس يتطعمون".

وعن الحملات الإعلامية ومدى كثافتها، يقول سيف " منذ بدأنا حملة التطعيمات، الاستثمار في الحملات الإعلامية زاد بشكل ملحوظ، 3 مكاتب من المجتمع العربي تعمل على هذا الموضوع، مكتب مختص للنقب ومكتب للقدس الشرقية ومكتب لكل المجتمع العربي، والميزانيات طوال الوقت بازدياد ولكن تنقصنا حملات محلية إعلامية، في البلدات على مستوى المجالس لذلك بدأنا مؤخرًا بالعمل على ذلك وحصلنا على ميزانيات ستخصص للسلطات المحلية".

وتابع: "البلدات العربية الحمراء ارتفع عددها إلى 5، وصحيح أنه من بين المصابين بالأيام الأخيرة، نسبة العرب قليل، لكن عادة وفي كل المتحورات السابقة، المجتمع العربي ينتشر فيه المتحور بعد أسبوعين حتى شهر من المجتمع العام، ولكن لأن هذا الأوميكرون أسرع من غيره، نتوقع أن ترتفع الأرقام في الأيام القادمة، وللأسف البلدات الحمراء على ما يبدو قد تكون العودة فيها إلى المدارس غير كاملة، لأنه حسب القانون فإن البلدات الحمراء اذا كانت نسبة المطعمين فيها من الأطفال أقل من 70%، سيكون التعليم من جيل 12 فما فوق فيها عن بعد أو بساحات مفتوحة، لذلك يجب وبشكل فوري العمل على رفع نسبة التطعيم في الأيام القادمة بشكل مكثف".

وأكد سيف أن التعليمات ممكن أن تتغير في الأيام القادمة كما يحصل في كل ما يتعلق بالكورونا، وان لا معلومات حتى الآن عن نسبة اقبال العرب فوق جيل 60 إلى تلقي اللقاح الرابع لكن هنالك الآلاف الذين تسجلوا لتلقي هذا اللقاح كما يحصل في المجتمع الاسرائيلي".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]