لطالما تتأثر صحة الانسان بنمط حياته، المتعلق بنظام الغذاء الصحي، عصر التكنولوجيا المتطورة والمتقدمة، الحركة والرياضة، وتطور الصحة والطب، بالإضافة الى العوامل الوراثيّة.

في لقائنا اليوم مع بروفيسور مُغير خمايسي- طبيب وباحث مختص في معهد بحث الهرمونات والسكري والايض، ومدير قسم الامراض الباطنية "د" في مستشفى رمبام، تحدثنا معه عن مرض السُكري، اكتشافه وأنواعه، وكيفيّة الوقاية منه.

اكتشاف سهل وغير مكلف...

في البداية تحدث بروفيسور مُغير خمايسي حول كيفية اكتشاف إذا كان الشخص مصابًا بالسُكري، قائلاً: " اكتشاف مرض السُكري، بسيط جدًا وغير مكلف، يبدأ من خلال اجراء فحص السُكري من طرف الاصبع، والذي من خلاله نحصل على معلومات أولية وسريعة حول حالة الشخص، وفي حال لم يكن الفحص كافيًا، يتم اجراء فحص دم لتجميع السُكري المعروف باسم (A1C)، الذي يعطينا معدل السُكر في جسم الانسان لفترة 3-4 أشهر الأخيرة، وإذا كانت النتيجة فوق 6.5، تعني ان هذا الشخص مصابًا بالسُكري.

أنواع المرض ومُسبباته!

وحول أنواع المرض ومسبباته، قال: " يوجد أكثر من نوع لمرض السُكري، لكن سوف نتحدث عن بعضها خلال هذا اللقاء ".

السُكري من النوع الأول:

وهو مرض غير شائع مقارنة مع السُكري من النوع الثاني، حيث تصل نسبته بين مرضى السُكري في البلاد الى 10%، لديه عوامل وراثية لكنها ليست المسبب الرئيسي للإصابة به، ولكن حسب الأبحاث يبدو أن السبب الرئيسي يكون خلال تطور الجنين أو تطور الانسان في طفولته، حيث يمكن أن يصاب بالتهاب الذي يهاجم خلايا " بيتا " في البنكرياس وتقوم بتدميرها، مما يؤدي الى فقدان الخلايا المسؤولة عن انتاج هرومون الانسولين في البنكرياس.

بالعادة تظهر أعراض هذا النوع من أنواع مرض السكري خلال فترة زمنية قصيرة، هذا على الرغم من أن تدمير خلايا بيتا يبدأ أحيانًا قبل ظهور الأعراض بعدة سنوات.

سُكري الحمل:

قبل الحديث عن السُكري من النوع الثاني، تجدر الإشارة أيضًا عن الحديث حول سُكري الحمل، المعروف باسم (Gestational diabetes) أو (GDN)، والذي تصاب فيه المرأة فقط خلال فترة الحمل، ويذهب بعد الولادة، لكن، مع ذلك يزيد احتمال إصابة الأم بمرض السُكري من النوع الثاني مستقبلاً في حال لم تأخذ الإجراءات والوقاية الصحية اللازمة، حيث يجدر بالمرأة متابعة الطبيب بعد مرور 3 أشهر من الولادة، حيث تشير الاحصائيات أن نسبة إصابة المرأة 50%، أي ما يعني أنه امرأة واحدة من بين اثنتين أصيبت بسُكري الحمل من الممكن أن تتعرض بعد 10 سنوات الى مرض سكري من النوع الثاني.

السُكري من النوع الثاني:

هو أكثر أمراض السُكري انتشارًا حيث تصل نسبة الإصابة به بين 85-90% من عدد الإصابات، السبب الرئيسي بالإصابة به دون أي شك هو التغيير في نمط حياتنا والافراط بالوزن، أمراض الضغط، الدهنيات، قلة الحركة ونظام الغذاء الخاطئ غير الصحي، وخاصة تناول الكثير من النشويات والسكريات.

لكن، لا ننسى أنه للعامل الوراثي أهمية كبيرة في الإصابة بهذا النوع من المرض، إذا كانت الأم مريضة سُكري، فإن احتمال إصابة أحد أبنائها تصل الى 25%، بينما إذا كان الأم والأب مصابان فإن احتمال إصابة الاب عند بلوغه يمكن أن تصل الى 50%.

لذلك عامل الوراثة في سكري من النوع الثاني واضح أكثر من السكري النوع الأول، لكن الأمر ليس متعلقًا فقط بالعامل الوراثي انما بتغيرات نمط الحياة التي نعيشها، والنشاط الحيوي للإنسان والحركة، نوعية الغذاء أيضًا لهم تأثير بالإصابة به.

مجتمعنا العربي وأمراض السكري مقارنة مع المجتمع اليهودي!

وحول نسبة الإصابة بمرض السُكري في المجتمع العربي مقارنة مع المجتمع اليهودي في البلاد قال بروفيسور خمايسي: " لا شك ان هناك فروقات بين المجتمع العربي والمجتمع الإسرائيلي في البلاد، حيث أن نسبة الإصابة بالمجتمع العربي أكبر، ولكن ليس فقط بالمجتمع العربي انما داخل المجتمعات الأخرى، وبين البلدات المختلفة في البلاد، التي نجد فيها فروقات بالمستوى الاجتماعي- الاقتصادي، على سبيل المثال؛ نسبة المصابين بأمراض السُكري في بلدات مثل الناصرة وسخنين تختلف عن نسبة الإصابة في بلدات مثل رمات غان وهرتلسيا، لكنها تتشابه مع نسبة الإصابة بالسكري بمجتمعات مثل رهط وكريات غات أو عكا، وهذا يعود الى المستوى الاجتماعي- الاقتصادي.

ما يعني: " كل ما كان الوضع الاجتماعي الاقتصادي منخفض تكون نسبة السكري أعلى في المجتمع ".

مضيفًا: " هذا ما نراه في كل المجتمعات، فإذا نظرنا الى المجتمع الأوروبي الغربي نرى ان نسبة السكري فيه أقل من المجتمع الافريقي أو جنوب أمريكا، وفي حال قارنا شمال أمريكا بجنوبها نرى ان نسبة ازدياد أو ظهور حالات جديدة من السكري من النوع الثاني هي بازدياد هائل في جنوب أمريكا واقل في شمالها.

عمليًا قصة تأثير الوضع الاجتماعي الاقتصادي ليس فقط بين المجتمع العربي واليهودي في البلاد انما على المستوى العالمي وهذا يتشابه أيضا مع وضع الدول العربية لأنه نسبة السكري في دول الخليج هي هائلة وسببها نمط الحياة الذي تغير بشكل جذري في السنوات الأخيرة.

نصيحة...

يقول بروفيسور خمايسي: " أهم نقطة ان نكون واعيين ومتفهمين لعوارض ومشاكل المرض ونكتشفه بالشكل الصحيح، حيث يجب بدء بإجراء فحص الكشف عن السكري عند جيل 45 عامًا، اما إذا كان أحد الوالدين مصابين يجب بدء اجراء الفحوصات قبل جيل 45 ".

وتابع: " يجب التحدث عن نقطة مهمة، وهي ما قبل الإصابة بالسُكري، وهذه الحالة بين الحالة الطبيعية للإنسان وحالة التي تكون على وشك اصابته بالمرض، ويتم اكتشافها باللحظة المناسبة ومبكرًا، لذلك على الشخص الذي تم تشخيص هذه الحالة لديه اتباع الوجيهات الطبية الصحيحة المتلازمة مع تناول دواء الذي يمنع الإصابة بالمرض، لأنه في حال أصيب الشخص بمرض السُكري سوف يرافقه المرض طيلة حياته، بينما اذا كان الشخص على وشك الإصابة بمرض السكري ونجحنا بمعالجته قبل الإصابة به، يمكننا معالجته واعادته للوضع الطبيعي، اكتشاف المرض بالشكل السريع هو نقطة جدًا مهمة.

بالإضافة الى الحفاظ على نمط حياة صحي، وهو أمر مركزي، التقليل من تناول الخبز الأبيض، والنشويات والسكريات، وتناول الخضار والأسماك والغذاء الصحي والمفيد، التقليل من الجلوس أمام الحاسوب، الحركة وممارسة الرياضة لأنه قلة الحركة مسبب للأمراض.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]