أحدثت الروبوتات تحولًا في مجال الجراحة بتمكينها إجراء عمليات معقدة ودقيقة بطريقة آمنة وطفيفة التوغّل، وعبر السماح لجراحين في مواقع جغرافية متباعدة بالتعاون في إجراء عملية واحدة، وفقًا لخبير طبّي من العاملين في منظومة كليفلاند كلينك العالمية للرعاية الصحية. ويُتوقع أن تتسع تطبيقات الجراحة الروبوتية في المستقبل مع تناقص حجم المعدات الروبوتية وانخفاض تكلفتها بالتوازي مع اشتداد التنافسية في السوق، وذلك بحسب الخبير المقيم في الولايات المتحدة، والذي سبقت تصريحاته انعقاد المؤتمر الحادي والعشرين للجراحة ضمن فعاليات معرض ومؤتمر الصحة العربي الذي ينطلق الأسبوع المقبل في دبي.

ويناقش الدكتور ماثيو والش رئيس قسم الجراحة العامة في كليفلاند كلينك، والدكتور ماثيو كروه نائب رئيس الابتكار والتقنية في كليفلاند كلينك، التطورات في الجراحة الروبوتية والجراحة الموجهة بالحاسوب لعلاج المرضى، وذلك في جلسة بعنوان "النقاش الساخن: هل ستحلّ الروبوتات محل الجراحين في المستقبل؟". وتناقش عدّة جلسات تُقام على هامش المؤتمر تأثير الروبوتات وغيرها من التقنيات الجديدة. وينعقد مؤتمر الجراحة، الذي يستمر لأربعة أيام، بينهما يومان في دبي: 26 و27 يناير، ويومان آخران عبر الإنترنت: 9 و10 فبراير.

وقدّم الدكتور والش لمحة عامة عن الارتفاع في العمليات الجراحية الأقلّ توغلًا، بالقول إن الأساليب الجراحية الأحدث التي تعتمد على إجراء شقوق صغيرة أصبحت أكثر شيوعًا في العقود الأخيرة، فيما يعتمد إجراء الجراحة التقليدية المفتوحة على إحداث شقوق كبيرة في الجسم. وأضاف: "بينما لا تزال هناك حالات جراحية يُفضّل فيها إجراء جراحة مفتوحة، فإن الشقوق الأصغر المستخدمة في الجراحة بالمنظار والجراحة بمساعدة الروبوت تعني عمومًا ندوبًا أصغر وألمًا وانزعاجًا أقلّ ومضاعفات أقلّ واستشفاءً وإقامة أقصر في المستشفى".

ولا تُعدّ الجراحة الروبوتية الطريقة الأنسب حاليًا لجميع الحالات الجراحية بالرغم من مزاياها، نظرًا لأن المعدات باهظة الثمن، إضافة إلى أن المناورة بها قد تكون مُرهقة نظرًا لحجمها، وفقًا للخبير الطبي، الذي أوضح أن هناك في المقابل بعض الجراحات الدقيقة والمعقدة التي لا يمكن إجراؤها بالمنظار، ما يجعل العمليات الجراحية الروبوتية الحل المثالي بأقلّ قدر من التدخل الجراحي. وتقدّم القدرات المحسّنة للكاميرا ثلاثية الأبعاد، بجانب البراعة في تصميم الأدوات الروبوتية، نهجًا دقيقًا للغاية في الأجزاء الأصغر من الجسم، يمكن الاعتماد عليه في جراحات كالبروستات والقولون والمستقيم، واستئصال الغدة الدرقية والمرارة واستئصال الرحم.

وأكّد الدكتور والش أن كليفلاند كلينك استثمرت كثيرًا في الجراحة الروبوتية منذ البداية، وأن استخدامها يشمل جميع أنواع العمليات الجراحية المتقدمة للغاية، كعمليات القلب والتبرع الجزئي بالكبد. وأضاف: "من المرجح أن تُستخدم العمليات الجراحية الروبوتية على نطاق أوسع في المستقبل عندما تصبح السوق أقدر على المنافسة، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وصغر حجم المعدات.

وأشار إلى وجود فرصة أخرى تتيحها الجراحة الروبوتية تتمثل في القدرة على التعاون مع الجراحين الزملاء في جميع أنحاء العالم، لا سيما في العمليات الجديدة والمعقدة، قائلًا إن هذا الأمر ينطوي على إمكانيات هائلة لمنظومات الرعاية الصحية العالمية، مثل كليفلاند كلينك، لا سيما مع التوسّع المنتظر في شبكة مرافقها بإضافة مستشفى كليفلاند كلينك لندن الذي من المقرّر افتتاحه ربيع العام الجاري. وأكّد رئيس قسم الجراحة العامة في كليفلاند كلينك أن "خبراء من مستشفياتنا في الولايات المتحدة وأبوظبي ولندن سيتمكنون من التعاون في إجراء العمليات الجراحية الرائدة في وقت متزامن".

وتوقع الدكتور والش أن تكون الجراحة المحوسبة في الأعضاء الصلبة الأكثر ثباتًا هي التحوّل الجراحي المثير المقبل، حيث يمكن توجيه الروبوت عبر التصوير بالرنين المغناطيسي لاستئصال ورم بدقة من عضو ما، على سبيل المثال.

ويستطيع الجرّاح الخبير المتمكّن إن يعرف متى يجب اللجوء إلى الجراحة المفتوحة أو الجراحة بالمنظار أو الجراحة الروبوتية في إجراء عملياته، كما أن هذه المعرفة ستكون جزءًا مهمًا من تعليم الجراحين في المستقبل، وفقما أوضح الخبير أثناء استعداده للمشاركة في المؤتمر المرتقب.

وتلعب التقنيات الجديدة أيضًا دورًا في التعليم الطبي. وأشار الدكتور والش في هذا السياق إلى أن التطورات التقنية تساعد في تشكيل ملامح التدريب المقدّم للجراحين في المستقبل، معتبرًا أنه مجال يخضع حاليًا لـ "تحول نموذجي" أثناء السعي نحو التدريب القائم على الكفاءة. وأضاف: "بوسعنا تدريب الجراحين على تنفيذ العمليات باستخدام المحاكاة، بدلًا من جعلهم يقضون سنوات في مساعدة كبار الجراحين في علاقة تجعلهم أشبه بالمتدربين. ويمكن للجراحين المحتملين الآن إجراء عملية بمستوى محدّد مسبقًا من الكفاءة، وفي بيئة محاكاة آمنة، مع إخضاعهم للتقييم في هذه المحاكاة قبل إجراء عمليات مماثلة على مرضى حقيقيين".

هذا، ومن المقرر أن يشارك الدكتور والش، الذي يشغل منصب مدير الأنشطة في مؤتمر الجراحة، في جلسة تخصصية حول مستقبل التعليم الطبي في الجراحة، كما سيُلقي محاضرة حول تحسين النتائج العلاجية في جراحة البنكرياس.

وانتهى الدكتور والش إلى أن كليفلاند كلينك تحافظ على علاقة طويلة وراسخة مع معرض ومؤتمر الصحة العربي، معربًا عن سعادته بأن تتاح له الفرصة لعرض خبرته ومعرفته أمام الجلسات التعليمية في المؤتمر "لأننا نرى أن رسالتنا تتمثل في تعزيز التعليم الطبي على مستوى العالم".

وتُقدِّم منظومة كليفلاند كلينك باستمرار شهادات التعليم الطبي المستمر لجلسات مؤتمر الصحة العربي، والتي تتضمن التحقق بشكل مستقل من أن محتوى المؤتمر دقيق ومُحدَّث وغير متحيِّز، وأنه يلتزم بجميع المعايير المهنية والأخلاقية العالمية ذات الصلة بالمجال.




 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]