كشف النقاب الخميس الماضي من خلال تقارير صحفية إسرائيلية ، عن أنّ مجموعة من المتطرفين اليهود تسعى لتأسيس مليشيات مسلحة تحت مسمى "سرية بارئيل"، يقودها ضابط الشرطة السابق كوهين ألموغ، من حزب "عوتسماه يهوديت" الذي يرأسه عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير، وبدعم من الشرطة وبلدية بئر السبع، وذلك تحت شعار مفبرك وهو "إنقاذ النقب من مشكلة انعدام الأمن الشخصي". 

اما عن التسمية التي تم اختيارها لهذه الميليشيات الغير قانونية فهو امر تم التدقيق فيه واختياره بعناية فائقة ليكون رسالة تحريضية بذاته لشحذ طاقات اكبر عدد ممكن من اليهود المتطرفين المتعطشين لقتل العرب تحت شعار الثأر ، حيث سُميت المليشيات "سرية بارئيل" وهو اسم القناص في حرس الحدود الإسرائيلي بارئيل حداريا شموئيلي، الذي قُتل على حدود قطاع غزة في شهر آب/اغسطس من العام 2021 . 

وتحدثت مواقع وصحف عبرية بشكل موسع عن القضية ، حيث أفاد موقعا "هآرتس" و"14" اليميني، يوم الخميس، بأنّ مساعي تأسيس هذه المليشيات بدأت منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسط مشاورات ومداولات رسمية مع الشرطة الإسرائيلية، وبمعرفة وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف وبلدية بئر السبع، لتشكيل وحدات "حراسة مدنية" مستقلة هدفها "العمل على توفير الأمن الشخصي للسكان اليهود في النقب"، حيث انهم يرون ان اليهود الذين يستوطنون اراضي النقب يعيشون حالة من انعدام الامن بسبب السكان العرب البدو اصحاب الارض الاصليين ، والمفارقة ان العرب البدو يعيشون تحت وطأة ظلم شديد بالذات في الاونة الاخيرة بسبب سياسات تهجيرية ممنهجة تتخذ ضدهم من قبل السلطات الاسرائيلية ، هدفها افراغ الارض من اصحابها ومنحها لليهود ، بحجة ان البدو غزاة!

حجة الشرطة بعدم المشاركة

وبحسب موقع "14"، فإنّ قرار الشرطة الإسرائيلية، الامتناع عن المشاركة في المؤتمر التأسيسي للسرية الذي عقد الأحد، يأتي تحت ذريعة قانونية بأنه لا يمكنها المشاركة في مؤتمر لوحدات متطوعين تتلقى دعماً مالياً جماهيرياً، علماً أنه يمكن حلّ هذه القضية بسهولة. 

مع ذلك، أكدت الشرطة في ردها على سؤال من قبل موقع "14" اليميني بأنّها "ترحّب بكل المواطنين المعنيين بالتطوع وبشرط أن يكون ذلك وفقاً لأوامر وتوجيهات الشرطة وقوانينها"، فيما أعلنت الشرطة الإسرائيلية عن امتناعها المشاركة في المؤتمر، إلا أنه لم يصدر أي بيان يعارض مبدئياً إقامة مثل هذه المليشيات.

وبحسب موقع الميليشيا الإلكتروني، فإنها تعمل بدعم من الشرطة ومن بلدية بئر السبع، وسوف يُقسّم المتطوعون إلى ثلاث سرايا: سرية تدخل وهي سرية النخبة، التي ستخضع لتأهيل لمحاربة الإرهاب وتأهيل متقدم؛ وسرية الدوريات التي ستتلقى تأهيلا لإطلاق النار وتولي صلاحيات الأمن العام؛ وسرية قتالية مهمتها إدارة كل شيء من أعلى الهرم .

قال ألموغ كوهن، الذي شكل الميليشيا المسلحة من المتطوعين اليهود :" أن مجموعة المتطوعين ليسوا ميليشيا مسلّحة بل مجموعة تعمل من أجل وقف العنف". وكشف كوهن عن أنه سيتم الكشف عن أول متطوع بدوي في المجموعة، وعبر عن أمله بأن "ينضم قريبا العشرات من المتطوعين البدو إلى مجموعته".

وقال كوهن: "إننا نعلن أنه مع الشرطة ومن دونها سننطلق في طريقنا وسط استغلال حقوقنا الأساسية، وسنعيد الهدوء لسكان النقب، وهو ما لا تعرف الشرطة القيام به".

وكشف هذا التصريح عن تورط الشرطة الإسرائيلية، خلال الأشهر الأخيرة، في مداولات لإقامة مثل هذه المليشيات.

اليمين العنصريّ

والقائمون على هذه المليشيات هم من أوساط يمينية عنصرية متطرفة، لا تتوقف عن التحريض والزعم بأنّ العرب الفلسطينيين يغزون أراضي النقب، ويضايقون النساء والفتيات اليهوديات في المدن والبلدات اليهودية، وكتب مؤسس هذه الميليشيا، ألموغ كوهين، وهو مركّز حزب "عوتسماه يهوديت" برئاسة المتطرف عضو الكنيست ايتمار بن غفير – أحد تلامذة الحاخام مئير كهانا مؤسسة حركة تعمل على طرد الفلسطينيين - "أن طبيعة نشاطها منظم من خلال إجراءات وحدات "الحرس المدني"، الذي يعتبر جهازا رسميا في الشرطة، يسمح له بتفعيل فرق مسلحة وحرس الأحياء".

وقال كوهن إن ما تمّ نشره في وسائل الإعلام العبرية غير صحيح. وتابع قائلا: "بالطبع ليست ميليشيا مسلحة بل مجموعة متطوعين، فنحن نحترم القانون. اعتقد أن على الجمهور العربي أن يكون قلقا من الميليشيات المسلحة التي تقتل العرب يوميا".

وتابع قائلا: "لدينا اليوم أربعة متطوعين من بدو النقب، ثلاثة من بينهم يتخوفون من الكشف عن أنفسهم ونحن نستطيع أن نتفهمهم ، ولكن هناك رجل انضم ولا يخاف وسيتم الكشف عنه في وسائل الإعلام. الكثير من الناس يتحدثون معنا منذ فترة طويلة. لا أقول تعايش بل العيش لأن كلمة تعايش تفصل بين الناس ونحن لا نريد الفصل. لقد عشنا كل هذه السنوات معا، ويتحدثون معنا. لدي صديق في رهط لا يخرج ابنه إلى الشرفة بسبب إطلاق النار".

وأشار كوهن الى:" أنّ عملنا اليوم هو في بئر السبع وعومر ولهافيم كجزء من خطة تجريبية، وفي المستقبل سنتوسع إلى أماكن أخرى وحبذا لو كانت مدينة رهط جزء من هذا البرنامج كمتطوعي شرطة".

تبرعات 

والمعلوم أنه عدا عن مبادرته لإقامة هذه المليشيات وجمع تبرعات، وصلت حتى الآن إلى نحو 150 ألف شيقل (حوالي 487 ألف دولار أميركي)، لشراء عتاد لعناصر المليشيات، فإنّ كوهين ألموغ معروف بأنه يقف على رأس لجنة إسرائيلية تدعى "اللجنة من أجل إنقاذ النقب"، وهي تعمل بتعاون وثيق مع جمعيات اليمين الاستيطاني وفي مقدمها جمعيتا "رجافيم" و"إم ترتسو"، وهما الجمعيتان اللتان تعملان بشكل منهجي ودائم على التحريض على الوجود العربي الفلسطيني في النقب، وتدعوان إلى هدم آلاف البيوت العربية هناك.

ويتسلح هؤلاء المبادرون لإقامة "سرية بارئيل" بالمنطق ذاته الذي يحمله أيضاً كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي نفتالي بينت ووزيرة داخليته أيليت شاكيد، لا سيما أنّ الاثنين شاركا خلال الحملة الأخيرة قبل الانتخابات في العام 2021 في "جولات تفقدية" بالنقب، للاطلاع كما يزعمان، على "حجم إهمال الدولة للنقب وتركه مستباحاً أمام العرب الذين يغزون أراضي الدولة".

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال رئيس الحكومة الاسرائيلية نفتالي بينت، خلال جولة ميدانية في النقب برفقة وزير الأمن الداخلي عومر بارليف ووزيرة الداخلية أيليت شاكيد في النقب، إنّ "الحكومة الإسرائيلية ستنتقل من الدفاع إلى الهجوم"، في إشارة لتكريس ملاحقة الوجود العربي في النقب، هذه الكلمات قالها بينيت وهو ويقف على مشارف مدينة رهط العربية في موقع كان يستخدم مقرا للحاكم العسكري في سنوات الخمسينات من القرن الماضي ، في رسالة واضحة للعودة الى نظام الحكم العسكري الجائر ضد البدو في النقب ، وهي تصريحات أتبعتها الحكومة بعمليات تجريف وحراثة للأراضي العربية في النقب وزراعتها بالاشجار الحرجية من قبل الصندوق القومي اليهودي(كيرن كييمت ليسرائيل)، بالاضافة الى عمليات هدم بيوت وحظائر اغنام ومصادرة مواشي وحرمان من المراعي واعتداءات على المواطنين، كان اخرها جريمة قتل الشهيد سند الهربد بدم بارد في رهط الاسبوع الماضي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]