مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في 1.11.2022 يزداد الترقب. فنحن على اعتاب انتخابات مفصلية قد يكون تأثيرها علينا، على جماهيرنا العربية، اكثر من أية معركة انتخابية سابقة. وفي هذا المقال شرح لاستثنائية هذا الموقف.

من الطبيعي نحو كل معركة انتخابية للكنيست ان تصبو جماهيرنا للمزيد من الإنجازات عن طريق انتخاب اكبر عدد ممكن من ممثلينا للكنيست. فهذه الحلبة السياسية وان لم تكن الوحيدة المؤثرة فلها أهمية عليا. وعلى الرغم من محاولات تهميشنا فان تواجدنا في هذه الحلبة وحلبات العمل السياسي الاخرى، بمشاركة قوى تقدمية وديمقراطية يهودية، قد ساهمت في تقديم إنجازات عظيمة لجماهيرنا على مدى العقود. ولعلنا في هذا السياق نسرد البعض من هذه الإنجازات. ولنبدأ بعكس وضعنا اثناء فترة الحكم العسكري عندما كان مجرد الانتقال من بلدة الى قرية مجاورة يحتاج التصاريح، مروراً بتلك الفترة التي توجٌب على كل تعيين في مجال التعليم (معلم/معلمة) او في مجالات اخرى الخضوع لاقرار الشين-بيت. وكانت ايّام وقد زالت كان فيها قبول الطلاب العرب للجامعات في إسرئيل بشحاحة المطر في الصحراء. وتستمر حملتنا هذه على امتداد العقود وفيها المآثر والإنجازات وفيها أيضاً خيبات الامل والتراجعات، فهذه سنة الحياة. وعلى الرغم من اننا في سباق مستمر لتحصيل المزيد من الحقوق في مسيرة طويلة وكأنها لا نهائية لتحصيل المساواة الا ان إنجازاتنا هائلة لدرجة تبدو اليوم مكاسبنا هذه بديهية. الا ان وضعنا هذا ليس بديهياً ومكاسبنا هذه في خطر، فالانتخابات القريبة ستكون مفصلية بشكلٍ استثنائي ومن المرجح ان تقوم بعد هذه الانتخابات حكومة يمينية متطرفة وعنصرية تشمل كتلة كبيرة من الكهانيين اللذين يدلون بشكل سافر عن امانيهم بمحو الوجود العربي في هذه البلاد.

ولذلك، ومقابل هذا الخطر المحدق كان من المتوقع ان يتواجد مجتمعنا في حالة استنفار. ومع ذلك فالأدلة تشير الى العكس من ذلك، الى حالة احباط او لا مبالاة والى التوقعات بنسبة تصويت متدنية قد تنخفض الى ما تحت ال 40%. وقد نستطيع ان نتلو عدة اسباب لهذه الحالة من الاحباط، منها الشعور عند المواطن العربي بان صوته لا يؤخذ بالحسبان، اذ ان غالبية الاحزاب الصهيونية تنفي بشكل او آخر امكانية الاعتماد على ممثلي الجماهير العربية (او على اغلبيتهم) في تكوين اية حكومة، يمينية كانت او ما يسمى حكومة مركز-يسار. وهنالك اسباب اخرى تعود الى قياداتنا واخفاقها بعكس حالة الخطر الاستثنائي هذه الى الجماهير. ومع كل ذلك فعلينا العودة والتشديد على امرين اساسيين:

1. نحن بحالة استثنائية من الخطر.
2. لممثلينا في الكنيست، وعلى الرغم من اخفاق هنا او هناك، فلهم دور مصيري في درء الخطر وفي ترجيح اقامة حكومة كهذه او اخرى وعينياً لهم دور بمنع اقامة حكومة تعتمد على زمرة نتانياهو-سموطريتش-بن چڤير، ولكن قدرتهم هذه تتعلق بعدد المقاعد التي يحوزون عليها.

واما بالنسبة لحالة الخطر الاستثنائية، وبما انه قلّ تداولنا بهذا الموضوع في هذه المعركة الانتخابية فلا باس من جلب بعض الامثلة لما قد يحدث فيما لو قامت حكومة تعتمد على زمرة سموطريتش وبن چڤير.

لقد نشر الپروفسور يورام يوڤيل مقالاً في صحيفة "هآرتس" يوم 7.10.2022 سرد فيه ما قد يحدث في السنة الاولى لحكومة كهذه مع بن چڤير بوظيفة وزير الامن الداخلي. وفي هذا السرد يصل پروفسور يوڤيل الى النتيجة بان هذه الحكومة قد تقدم على طرد 200,000 مواطن عربي الى ما وراء الخط الاخضر في الضفة الغربية. لقد اشعل هذا المقال جدلاً فيما هل هذا السيناريو واقعياً ام لا. وبغض النظر عن الجواب فان لحكومة كهذه امكانيات عديدة اخرى، بدون ترانسفير او قبله، للاثقال على حياتنا في هذه البلاد لعلنا نتلو قسماً منها:

1. الاجرام في المجتمع العربي، فان علاج الازمة سيكون ببساطة وبشكل صريح: "فليقتلوا بعضهم البعض" واما حماية المجتمع الاسرائيلي من هذه الازمة فسيكون بفرض حالة منع التجول في الليل على البلدات والقرى العربية.
2. اجراء اعتقالات ادارية في المجتمع العربي على نطاق واسع جداً، ولن يكون لمحكمة العدل العليا في هذه الحالة ما تفعله، فان حكم نتانياهو وبن چڤير سيحول هذه المؤسسة الى كيانٍ خاضعٍ تماماً.
3. استعمال وسيلة التجريد من الجنسية الاسرائيلية ( اي التجريد من حقوق المواطن) على تفاهات، اي على "مخالفات" يومية للقانون.
4. اثقال كبير على المواطنين العرب في مطار بن چوريون ونقط حدود اخرى بحجة الامن قد يجعل التنقل شبه مستحيلاً.

هذه ليست الّا قسماً من السيناريوهات التي ستتحقق فيما لو قامت حكومة نتانياهو-سموطريتش-بن چڤير. ومن المهم في هذا السياق الاشارة الى ان هذه الاجراءات جميعها لا تتطلب سن قوانين جديدة، مع ان حكومة كهذه لن تتورع عن سن قوانين تخدم سياستها على اساس يومي. فيكفي ان تستغل هذه الحكومة قانون القومية لاجراء التمييز الصريح ضد المواطنين العرب.

ولدى وزير الشرطة امكانيات عديدة وقد تكون خطيرة لتاجيج الوضع داخل المجتمع العربي وعامةً في اسرائيل.

وليكن واضحاً ان هدف الكهانيين شطب حقوقنا المدنية وخلق حالة دائمة من الاحتراب داخل اسرائيل وفي الضفة الغربية (نرى من الآن بوادرها) والوصول الى حرب شاملة، او ما يسمى بحرب چوچ ومچوچ، واستغلال هذه الحالة لطرد العرب. ويكفي ان نصغي لتصريحاتهم في الماضي والحاضر لادراك حالة الخطر المقبلة علينا.

وفي خلاصة الامر يصح ان يقال اننا نناضل يومياً، يداً بيد مع أوساط ديمقراطية يهودية، من أجل المساواة ولتحقيق انجازات جديدة اضافة لتلك التي حققناها على مدى العقود ولكننا اليوم بصدد معركة مجملها البقاء والحفاظ على ما قد انجزناه فالامر ليس بديهياً ابداً. ولصد هذا الخطر المطلوب منا ان ندخل من الآن وحتى يوم الانتخابات بحالة استنفار لرفع نسبة التصويت بين جماهيرنا الى اعلى ما يمكن ولقد اثبتت هذه الجماهير انها قادرة على التجاوب مع التحديات، فالى الامام.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]