قال أستاذ العلوم السياسية المختص في الشأن الفرنسي الدكتور امجد شهاب ان الاحتجاجات المتواصلة في فرنسا سببها يعود لمقتل شاب جزائري يدعى نائل مرزوقي.

واشار الى ان الشرطة الفرنسية ادعت بان الحادث سببه تعرضها للخطر من قبل الشاب من خلال محاولة دهس لكن المفاجأة الكبيرة بان الحادث تم تصويره من قبل أحد المارة وكان شريط الفيديو واضحا واظهر ان عملية القتل تمت بدم بارد وكانت الشرارة لاندلاع المواجهات التي تستمر منذ اكثر من 5 ايام.

مشاكل وهجرة 

ورأى ان سبب اندلاع المواجهات هو تراكم المشاكل منذ اكثر من 40 عاما و الاشكالية الأساسية هي وجود المهاجرين الذين يحملون الجنسية الفرنسية من اصول اسيوية وعربية وافريقية في ضواحي المدن ويعيشون في كانتونات يتعرضون لسياسة تهميش ممنهجة من قبل السلطات الفرنسية ولا يوجد هناك اي برامج لدمجهم في المجتمع الفرنسي.

وقال ان هؤلاء المهاجرين هم ضحايا الحكومة الفرنسية التي لا تريد الاستثمار في حل مشاكلهم بحيث ان الجالية العربية المسلمة تعتبر من ضمن الجاليات الكبيرة التي يتجاوز عددها 9 ملايين شخص مشيرا الى ان من يقوم باعمال العنف في الليل هم فئات شبابية أعمارهم بين 13-18 عاما فهم يشعرون بالظلم وبأنهم مهمشون وبان المجتمع الفرنسي لا ينصفهم يتعرضون للعنصرية علما ان نسبة البطالة في الضواحي تزداد عن 40% في حين ان نسبة البطالة في المجتمع الفرنسي لا تتجاوز 15%.

تجاهل الحكومة

وأكد ان الحكومات الفرنسية المتعاقبة لم تعمل على حل مشاكل المهاجرين بل تم استخدامها لأسباب سياسية من أجل صعود اليمين المتطرف حتى انه في الانتخابات الاخيرة كان العنوان الرئيسي للأحزاب السياسية المتطرفة هو كيفية التخلص من المهاجرين من اصول عربية واسلامية.

وذكر ان الحكومة الفرنسية قررت استخدام أسلوب المواجهة والصدام تحت ذريعة تطبيق القانون لاعادة النظام في ارجاء البلاد مشددا انها لم تبحث عن حل لتطبيق نظرية استيعاب الشباب ما أدى الى زيادة أعمال العنف خاصة ان الاعلام لم يساهم بتهدئة الخواطر بل بالعكس زاد من حدتها مضيفا ان القضاء الفرنسي لم يتعامل بالطريقة التي يفترض ان تكون لان شريط الفيديو كان واضحا جدا وان لجنة التحقيق ستؤكد ما ظهر فيه خاصة ان الشاب الضحية كان برفقة اثنين من اصدقائه في السيارة.

وتطرق شهاب الى الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها الشرطة الفرنسية وطريقة تعاملها مع المهاجرين ووصفها بـالاستفزازية ما أدى الى تراكمات طويلة جدا مشيرا الى ان المهاجرين يشعرون بالظلم والاهانة لان ابائهم شاركوا في بناء فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية وجزء من اجدادهم قاتلوا مع الجيش الفرنسي من أجل تحرير فرنسا لذا يعتبرون أنفسهم ضحية ولا يوجد لهم مستقبل.

ولفت الى ازمة الهوية التي يعاني منها هؤلاء المهاجرين وانه حتى لو عادوا لبلادهم الاصلية سيعانون من هويتهم لذا هم مرفوضون في بلادهم والمجتمع الفرنسي ما يزيد من الإشكالية واستخدامهم للعنف.

حل المشكلة 

واكد شهاب ان وزير الداخلية الفرنسي الحالي لن يستطيع حل المشكلة من خلال استخدام العنف واعداد الشرطة الكبيرة والاعتقالات التي تجاوزت الآلاف حتى الآن بل سيزيد من الفجوة في تلبية مطالب المهاجرين وخاصة فئة الشباب وبين المجتمع الفرنسي وسياسة الحكومة الحالية.

وقال حتى لو سيطرت الحكومة على تصرفات الشباب الا ان هناك قوانين يعتبرها المهاجرين عنصرية وستزيد من احتقان الشباب وان تصاعد اليمين المتطرف وزيادة شعبيته في المجتمع الفرنسي سيؤدي ايضا الى تعميق الفجوة في البحث عن حلول.

واكد ان اصرار الحكومة الفرنسية علي سياسة صهر الجاليات في المجتمع الفرنسي سياسة فاشلة بدلا من سياسة دمجهم كما يحدث في دول كثيرة ناجحة كاسبانيا وبريطانيا والمانيا وايطاليا. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]