للمرة الأولى منذ 30 عاما، يدخل مخطط هيكلي لحي فلسطيني في شرقي القدس حيّز التنفيذ. إذ صادقت بلدية القدس خلال الأسبوع الماضي على مخطط هيكلي لحي العيسوية. حيث تشكّل المصادقة على المخطط الآن المرحلة الأخيرة من العملية التي بدأت سنة 2004 بمبادرة السكّان وجمعية بمكوم - مخططون من أجل حقوق التخطيط، وهي العملية التي تم إيقافها سنة 2011 بسبب طلب البلدية تقليص مساحة المخطط، ومن ثم شُرع به مجددا في عام 2016 من خلال البلدية.

يذكر أن لحي العيسوية مخطط قديم في مساحة صغيرة ومع حقوق بناء قليلة، وهو مخطط لم يعد ذو صلة بالواقع منذ المصادقة عليه سنة 1991. لقد تطور هذا الحي على مدار السنوات من دون علاقة بالمخطط الساري، وقد بنيت فيه مساحات غير رسمية ومكتظة، مفتقرة للحيز العام والخدمات العامة الكافية، ويحتوي على الكثير من البيوت المعرضة لخطرالهدم.

ويمتد المخطط الجديد على حوالي 1946 دونما، ويشمل معظم مناطق الحي المبنية (نحو 800 دونما) إلى جانب مساحات أخرى مجاورة لها. سنة الهدف لتنفيذ المخطط هي 2035. هدف المخطط تلبية حاجة تنظيمية ملائمة لكافة إحتياجات السكان الفلسطينيين القاطنين في الحي، مع التعامل مع الخصائص الفريدة بالسكان وحالة التنمية في الميدان. وبناء عليه، فإن المخطط يطرح أدوات تخطيطية مرنة وإبداعية، حيث يشمل، على سبيل المثال، عدة مسارات إنفاذية، وبضمنها أيضا مسار لتسوية قسم كبير من المباني غير المرخصة.

وتفيد جمعية بمكوم بأن أبرز عيوب هذا المخطط تتمثل في حدوده الضيقة. يرجع ذلك إلى الترويج المكثف لمخططات هيكلية أخرى على أراضي العيسوية، وأهمها مخطط إقامة الحديقة الوطنية. والتي أدت إلى تشكيل حلقة استيطانية حاصرت العيسوية وأضرت بالقدرة على ترسيم حدود أوسع في المخطط الحالي. ورغم ذلك، تشير جمعية بمكوم إلى أن المخطط المشار إليه يوفر حلولا إبداعية للسكن. تشمل هذه الحلول عدة مسارات لإنفاذ التطوير والبناء: مسار تسوية، مسار إضافة حقوق (تكثيف حقوق)، ومسار "بينوي بينوي" [إخلاء بناء]. وبناء عليه، فإن هذا المخطط يحمل مقترحا لطريقة مبتكرة من أجل احتساب اقتطاعات الاحتياجات العامة المستمدة من أحجام البناء المطلوبة، بحسب المسار الذي يختاره أصحاب الأرض.

مهمة مستحيلة، ولكن ..

من جهتها، قالت جمعية بمكوم: "من الصعب المبالغة في الحديث عن أهمية مخطط هيكلي محدث لأحد أحياء القدس الشرقية، والأدوات الإبداعية التي تم تطويرها في إطار هذا المخطط من أجل إتاحة المجال أمام تطبيقه بالفعل. من الواضح في هذا المخطط الذي يدخل الآن حيّز التنفيذ بأن معديها، بالتشاور مع جمعية بمكوم، قد بذلوا جهدا صادقا من أجل إدراك تعقيد الحياة والتنمية في الحي، وقد اقترحوا حلولا مبتكرة. ونحن نتمنى أن سريان مفعول المخطط الهيكلي للعيسوية، سيمثل بدء عصر جديد في مجال التخطيط في القدس الشرقية، ويبشر بإصدار مخططات تنظيمية لأحياء أخرى، التي تتوق إلى ذلك".

---

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]