قالت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، امس الثلاثاء، إن إقرار الكنيست على تشريع قانوني لإلغاء حجة "عدم المعقولية" بما يحد من بعض سلطات المحكمة العليا، يشير إلى أن التوترات السياسية ستستمر وسيكون لها على الأرجح عواقب سلبية على الوضعين الاقتصادي والأمني في إسرائيل.

وأضافت الوكالة، في تقرير استثنائي صدر عنها اليوم حول الاقتصاد الإسرائيلي، أنه "نعتقد أن طبيعة المقترحات الحكومية الواسعة النطاق يمكن أن تضعف استقلال القضاء بشكل جوهري وتعطل الضوابط والتوازنات الفعالة بين مختلف فروع السلطة، وهي جوانب مهمة للمؤسسات القوية".

ولم تتخذ الوكالة أي إجراءات تصنيفية تتعلق بإسرائيل، علما بأنها كانت قد خفضت التصنيف الائتماني لإسرائيلي في نيسان/ أبريل الماضي، من "إيجابي إلى مستقر" في قرار اتخذ على خلفية تشريعات إضعاف القضاء، وذلك لأول مرة منذ تفشي جائحة كورونا؛ وبعد عام من رفع تدريجها الائتماني إلى "إيجابي".

وجاء تقرير "موديز" في أعقاب إعلان بنك "مورغان ستانلي"، في وقت سابق، اليوم، خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، والتحذيرات التي وجهها "سيتي بنك" (Citibank) للمستثمرين بعد المصادقة على إلغاء حجة عدم المعقولية، بأن الوضع في إسرائيل "أصبح أكثر خطورة وتعقيدًا".

من جانبه، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن اقتصاد إسرائيل قوي وسيواصل النمو، وذلك في بيان مشترك مع وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، صدر بالتزامن مع تقرير وكالة "موديز". وقال نتنياهو: "هذا رد فعل لحظي، وعندما يزول الغبار سيتضح أن اقتصاد إسرائيل قوي جدا".

وذكرت "موديز" أن معارضي قانون إلغاء حجة عدم المعقولية "يعتبرونه خطوة أولى نحو تقويض واسع النطاق للضوابط والتوازنات، التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من ديمقراطية قوية"، مشيرة إلى "خطر كبير من استمرار التوترات السياسية والاجتماعية حول هذه القضية، مع ما يترتب على ذلك من عواقب سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي والوضع الأمني".


وأشارت الوكالة إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية كان قد أعلن عن تعليق التشريعات القضائية "بعد احتجاجات كبيرة"، مشيرة إلى أن حكومة نتنياهو "فشلت في التوصل إلى تسوية مع المعارضة"، كما لفتت إلى أن "التشريع التالي" في خطة الحكومة "سيركز على منحها السيطرة على لجنة تعيين القضاة".


وشددت على أنه "نعتقد أن الطبيعة الواسعة النطاق لمقترحات الحكومة يمكن أن تضعف استقلالية القضاء وتعطل الضوابط والتوازنات الفعالة بين مختلف فروع السلطة، وهي جوانب مهمة للمؤسسات القوية"، وأوضحت أنه "ليس لإسرائيل دستور مكتوب ويعتمد هيكلها المؤسسي إلى حد كبير على الرقابة والمراجعة القضائية".

وأشارت إلى أن "المؤسسات التنفيذية والتشريعية أصبحت أقل قابلية للتنبؤ وأكثر استعدادًا لخلق مخاطر كبيرة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي"، وأضافت "جاءت الموافقة على مشروع القانون وسط احتجاجات واسعة النطاق من قبل منظمات المجتمع المدني في إسرائيل والمتواصلة منذ كانون الثاني/ يناير ونتوقع استمرارها".

وحذّرت الوكالة من "أزمة دستورية بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية"، في ظل الالتماسات التي تم تقديمها ضد مشروع القانون إلى المحكمة العليا؛ كما لفتت إلى التهديدات التي أطلقها "عدد كبير من جنود الاحتياط، بما في ذلك نخبة الطيارين، بالتوقف عن الخدمة إذا تم تمرير مشروع القانون، وهي خطوة يخشى قادة الجيش أن تعرض أمن إسرائيل للخطر في وقت تجدد فيه العنف مع الفلسطينيين".


وقالت إن "التصعيد الخطير للتوترات مع الفلسطينيين يمكن أن يهدد العلاقات المحسنة مع الموقعين على اتفاقيات أبراهام، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وتجعل تحسين العلاقات مع القوى الإقليمية أكثر صعوبة (في إشارة إلى السعودية)".

وأضافت أنه "بعض مخاوفنا السابقة فيما يتعلق بتأثير الإصلاحات المقترحة على الاقتصاد الإسرائيلي بدأت تظهر بالفعل"، وكشفت عن "انخفاض ملموس" في الاستثمار الأجنبي في قطاع الهايتك الإسرائيلي "حيث جمع القطاع 3.7 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، وهو أدنى رقم منذ عام 2019".

وأشارت "موديز" إلى "دلائل على أن إسرائيل تنفصل عن الاتجاهات العالمية". وأفادت بأن "أكثر من 80% من الشركات الناشئة الإسرائيلية الجديدة، اختارت التسجيل في الخارج بدلاً من إسرائيل منذ بداية هذا العام الجاري، مقارنة بـ20% فقط في عام 2022، وهو تطور من المرجح أن يعكس حالة عدم اليقين الكبيرة التي خلقتها خطة الإصلاح القضائي".


وقالت إن هذا التطور "مثير للقلق بشكل خاص نظرًا لأن قطاع الهايتك أصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي الإسرائيلي، حيث يمثل نصف إجمالي الصادرات وولد حوالي 15% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022. وفقًا لبنك إسرائيل، يمكن أن تؤدي فترة طويلة من عدم اليقين السياسي المحلي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 0.8% و2.8% سنويًا على مدى ثلاث سنوات بسبب ارتفاع نسبة المخاطر وضعف الصادرات والاستثمار والاستهلاك الخاص".

وختمت "موديز" تقريرها بعكس توقعات بـ"نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 3% هذا العام والعام المقبل، لكن توقعاتنا لا تتضمن تأثيرًا سلبيًا بفترة طويلة من التوترات الاجتماعية والسياسية".

وكانت شركات التصنيف الائتماني قد حذّرت إسرائيل من حالة "عدم اليقين وتراجع الاستقرار" قد تدفع كبار المستثمرين إلى الإحجام عن الاستثمار في إسرائيل، ودعت هذه الشركات الحكومة الإسرائيلي إلى العمل على التوصل إلى توافق واسع على التشريعات التي تسعى من خلالها لإحداث تغييرات واسعة في جهاز القضاء.

وأثارت الأزمة حول إصلاح جهاز القضاء، انقساما عميقا في المجتمع الإسرائيلي، وأثرت على الاقتصاد بشدة مع هروب المستثمرين الأجانب، وتراجع قيمة الشيكل، مما أثار احتمال إقدام الهستدروت، على الدعوة لإضراب عام. كما تسببت في توتر العلاقات مع الولايات المتحدة والتي وصفت التصويت الذي جرى أمس الاثنين بأنه "مؤسف".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]