نشرت مجلة “تايم” الأمريكية، مقالا للصحافية ياسمين سرحان، تحدثت فيه عن آثار التعديلات القضائية المثيرة للجدل في إسرائيل على الفلسطينيين.

وقالت إن الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو حققت أول انتصار لها منذ شهور طويلة في محاولتها لتغيير النظام القضائي.

ففي يوم الإثنين، صوت نواب الكنيست على قانون يجرد المحكمة العليا من قوتها لرفض قرارات الحكومة التي تراها غير معقولة، أو لا تخدم المصلحة العامة. وجاءت المعارضة للقانون من آلاف الإسرائيليين الذين خرجوا للشوارع على مدى 29 أسبوعا متتاليا، ورأوا فيها المسمار الأخير في نعش الديمقراطية الإسرائيلية، خاصة أن التعديلات تخرّب الضابط الوحيد على سلطة الحكومة.


ومن المتوقع أن يقدم المعارضون استئنافا أمام المحكمة العليا، ولا يوجد ما يشي أنها ستقبل القضية أم لا.

وتقول الكاتبة: “في الوقت الذي ظل الجدال بشأن التعديلات القضائية متركزا على الأثر الذي ستتركه على الأعراف الديمقراطية وموقع إسرائيل الدولي، إلا أن اهتماما أقل مُنح لما سيفعله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف من اليمين المتطرف عندما سيعززون من قوتهم. واقترح بعض المعلقين أن التحايل على تهم الفساد، قد يكون دافعا لرئيس الوزراء (الذي يواجه تهم فساد وخيانة الثقة وقبول رشاوى وهي أمور ينكرها)، إلا أن الخبراء الذين تحدثت معهم تايم قالوا إن توسيع طموحات القوميين المتطرفين بالتوسع الاستيطاني غير المقيد، وربما الضم للضفة الغربية من طرف واحد، قد يكون أمرا آخر”.

ونقلت المجلة عن المحللة في مجموعة الأزمات الدولية ميراف زونزين، قولها: “إن إضعاف المحكمة العليا يعني التقدم في الضم الإسرائيلي ومنح المستوطنين والجنود حماية من العقاب”.

ولم يخف الوزراء في حكومة نتنياهو نيتهم في ذلك، فقد ردّ وزير الأمن الذي يعيش نفسه بمستوطنة في الخليل على الهجمات التي نفذها المستوطنون ضد القرى الفلسطينية، بدعوة المستوطنين الإسرائيليين “للجري نحو التلال والاستيطان عليها”. وفي السابق، كتب وزير المالية بستلئيل سموترتيتش أن التوسع الاستيطاني هو مفتاح “لفرض السيادة على يهودا والسامرة” أي الضفة الغربية، و”بهذه الطريقة، سنكون قادرين على خلق واقع لا يمكن تغييره على الأرض”.


ويتعامل وزير العدل ونائب نتنياهو، ياريف ليفين، مع التعديلات القضائية كمقدمة للضم. وربما جاء البيان الأوضح من نتنياهو نفسه الذي قال في كانون الأول/ ديسمبر، إن الشعب اليهودي “لديه حق حصري ولا يُنازع في كل أراضي إسرائيل”، بما فيها الضفة الغربية. وتردد كلامه في بيان الاتفاق على تشكيل الائتلاف الحكومي: “سيقود رئيس الوزراء جهود تشكيل وتنفيذ سياسة في إطار يتم فيه تطبيق السيادة على يهودا والسامرة”، حسبما أوردت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، وهذه هي المرة الأولى التي ضمن فيها الائتلاف بندا يقر بضم الضفة الغربية.

ويقول مايكل شيفر عمير- مان، مدير البحث لإسرائيل- فلسطين في مركز الديمقراطية للعالم العربي الآن: ” تعتبر المحكمة العليا، حسب تفكيرهم، العائق الأكبر أمام تحقيق حلمهم”، في إشارة لائتلاف نتنياهو الذي يضم متطرفين من الليكود والأحزاب الدينية والقومية المتطرفة، و”هم يتحدثون علنا، منذ سنوات عن هذا”.

وتقول عائدة طعمة سلمان، البرلمانية في الكنيست عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إن التركيز الأساسي للتعديلات القضائية هو “الضم والسيطرة على الضفة الغربية والأراضي الفلسطينية”. وقالت للمجلة: “يريدون تحييد المحكمة العليا لكي لا تنتقد أو تحكم على قراراتهم التي سيتخذونها”.

وتعلق سرحان أن التداعيات للتعديلات القضائية على ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي اليوم لم تظهر إلا في النادر أثناء الاحتجاجات ضد الحكومة. وقال ألون- لي غرين، المدير المشارك للحركة العربية- اليهودية “ستاندنيغ توغذر” (معا) والتي كانت من أولى المنظمات التي احتجت ضد التعديلات القضائية، إن النقاش حول شمل الاحتلال في حركة الاحتجاج أثار “توترا شديدا” بين المشاركين من تيار الوسط الذين فضّلوا عدم التطرق إليه.

وبالنسبة للكثير من المتظاهرين، فالتعديلات القضائية “هي موضوع منفصل” عن الاحتلال كما تقول زونزين، و”كانوا يجزئون هذا طوال الوقت”.

وحتى هذا الوقت، ساعدت المحكمة العليا في الحدّ من الاستيطان، بحسب قول المجلة. فمن جهة، سهّلت عمليات مصادرة أراضي الفلسطينيين وتشريدهم، ولكنها وضعت حدودا على الاستيطان في الضفة الغربية، مثل إلغاء قانون يسمح للمستوطنين بالبناء على الممتلكات الفلسطينية.

وتظل المحكمة العليا، المؤسسة الإسرائيلية الوحيدة التي يستطيع الفلسطينيون الذهاب إليها لمواجهة المستوطنات أو الدفاع عن حقهم بالأرض.

ومع تحديد الرقابة على المحكمة، فإن الائتلاف الحكومي سيكون قادرا على اختيار القضاة فيها. وقال شيفر عمير- مان، إن التعديلات القضائية “ستؤثر على الفلسطينيين من ناحية تخفيض الطرق التي يلجأون إليها بشكل دراماتيكي”. وهناك الكثير من النقد للتعديلات القضائية والذي لم يتم الحديث عنه من ناحية أثره على الفلسطينيين. وكذا النقاد الأشداء للتعديلات في الولايات المتحدة، مثل البيانات التي صدرت يوم الإثنين، حيث وصف البيت الأبيض تمرير القانون بأنه “مؤسف”، بدون أن يتحدث عن أثره على الفلسطينيين أو إمكانية تحقيق حل الدولتين، المفضل لدى المجتمع الدولي مع أنه غير محتمل.

وبالنسبة للفلسطينيين الذين راقبوا عن الهامش مجريات الأمور في إسرائيل، فالتعديلات القضائية ستزيد من وضعهم السيئ أصلا. فقد شهدت الأعوام الماضية زيادة في عنف المستوطنين والجيش. وكان العام الماضي هو الأكثر دموية منذ عقدين. وتقول زونزين: “التوجهات التي نراها أصبحت أسوأ” و”الواقع على الأرض هو سيئ للفلسطينيين قبل التعديلات القضائية، وهو سيئ الآن”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]