اختتمت قبل قليل، الخميس، مسيرة الأموات الثانية من حيفا، حيث شاركها الالاف، الذين ساروا من مركز "حوريب" إلى ساحة "الأدوتوريوم"، لتختتم بمهرجان خطابيّ بحضور مُهيب، علمًا أنه واثناء المسيرة اصيب 3 أشخاص، أحدهم بصورة حرجة، في حادث عنف بالفريديس. 

وتأتي المسيرة بعد النجاح الكبير لمسيرة الأموات في تل أبيب، التي نظمت بداية الشهر الجاري، وشارك فيها نحو 20 ألفًا، وشهدت مشاركة غير مسبوقة من المجتمع العربي في السنوات الأخيرة على مستوى السلطات المحلية والمراكز الجماهيرية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد كذلك، أثار الموضوع ضجة واسعة ووصلت لموقع بكرا وللمنظمين توجهات عديدة لاستمرار هذا النشاط، الذي بدأ ليستمر أصلًا.

وقال القيّمون: بعد أن بلغ السيل الزبى بسفك الدماء وعدم توقف جرائم القتل في مجتمعنا، ورؤيتنا لتقاعس الشرطة والحكومة بتوفير الأمن والأمان لنا كمجتمع عربي، قرّر المنتدى الجماهيري الشعبي والقطري الخروج بمبادرة احتجاجية اضافية بالتعاون مع موقع ومؤسسة بكرا، ومع مختلف المؤسسات من المجتمع المدني (التي تحمل أجندة واضحة لخدمة مجتمعنا).

مهرجان خطابيّ يؤكد على أهمية النضال وتقصير الشرطة

وفي المهرجان الخطابيّ، الذي عملت على عرافته كل من الناشطة سامية عرموش والناشط محمد ابو الهيجاء، تحدث الشيخ يونس عماشة وقال أنّ هذه المسيرة والحضور المهيب يؤكد أنّ الموضوع مقلق للجميع، فكل شخص هنا فقد شخصًا عزيز عليه. وتطرق إلى أهمية التوحد، من كل الطوائف، لمكافحة الظاهرة سويًا. 

بدوره، وفي خطابه، أتهم الكاتب القدير محمد علي طه اجهزة الشرطة والشاباك مؤكدًا أنهم متقاعسين في عملهم، وحتى انهم متواطئين، فلو رغبوا بحل المشكلة لكانوا حلوها بسهولة.

واشار إلى خطاب الكراهية في الشارع الإسرائيلي، مؤكدًا أنّ هذا الخطاب يتغذى من سياسيين من اليمين يغالون في عنصريتهم تجاه المجتمع العربيّ منهم وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن ايتمار بن غفير. 

اما مدير مؤسسة أجيك، والتي ساهمت في انجاح المظاهرة، سليمان العمور، فقد تطرّق إلى مخاوفه من "ارهاب العنف" مشيرًا أنّ هذا الإرهاب بات يطال كل شخص فينا. 

وأكد في كلمته انه وعلى الرغم من الصورة القاتمة، إلا أنّ هذه المظاهرة وهذه الصرخة تبعث الأمل فينا، الأمل الذي يقوم ببنائه مجتمع عربي- يهوديّ مشترك. 

وطالب الشرطة والمؤسسات القيام بدورها مؤكدًا على أنّ مجتمعنا مستمر في بناء قدراته وقدرات شبابه. 

وفي كلمتها، اكدت الحاخام تمار مئير أنّ حضورها المسيرة لرفضها قتل الأنسان، أي كان، مؤكدة أنّ الأديان السماوية كافة رفضت القتل كما ورفضت السكوت والصمت حيال الموضوع، سواءً كان القتيل يهوديّ او غير يهوديّ. 

وشددت على تقاعس الشرطة، مشيرةً أنّ العنف لم يكن ليرفع رأسه اذا ما لاقى تعاملا بيد من حديد وأنّ على الدولة ومؤسساتها منح كل طفل، يهودي وعربيّ، نفس التعامل للعيش بأمان. 

د. دالية شندلين، المحاضرة في جامعة حيفا، أكدت في خطابها أنّ مشكلة العنف ليست مشكلة المجتمع العربي، انما مشكلة المجتمع عامةً. كما واشارت أنّ من يدعي أنّ الحديث عن ثقافة مجتمع عنيف، هو عنصريّ بالتأكيد. 

وهاجمت الحكومة الحالية على العنصرية التي تنتهجها مشيرةً أنّ تشريع قوانين عنصرية تمس بالديمقراطية وتمس بكل انسان فينا. 

بدوره، تحدث د. خالد قشوع، أخ المغدور عبد الرحمن قشوع، مدير عام بلدية الطيرة الذي قتل قبل 10 ايام على الحزن الذي اصاب العائلة، مشيرًا أنّ هذا الحزن لن ينتهي، وتطرق إلى غياب الشرطة وتقصيرها بالتحقيق علمًا أنّ هنالك ملفات أخرى، كسرقة دلو صبر، أولت لها اهتمامًا كبيرًا. 

وأكد انه منذ القتل لم تتواصل معهم الشرطة ولم تقدم لهم أي معلومات عن الجريمة، التي لا زالت تبعث الرعب في نفوس العائلة وكل الطيراويين. 

اما رجل الأعمال، كايد ابو عياش، والذي ساهم في انجاح المسيرة، فقد تطرق إلى ايام الماضي مؤكدًا أنّ القتل كان جريمة يندى لها الجبين، حيث كان المجتمع بأكمله ينتفض ضدها، فيما اليوم الجريمة مجرد ارقام بسبب فظاعتها. 

واتهم ابو عياش الشرطة بالتقاعس، ووجه نقدًا لاذعًا لوسائل الإعلام التي تتجاهل الأعداد المريبة من القتلى. واشار خلال الحديث إلى مقابلة متلفزة مع رجال شرطة نجحوا في "انقاذ كلب"، علمًا أنّ الشرطة مقصرة مع مجتمع كامل.

وتطرّق إلى تصريح وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، الذي وفقه يهتم بحياة اليهود متسائلا: اذا كان هذا تصريح وزير الأمن، فلمن نلجأ. موجهًا رسالة إلى القيادة اليهودية والعربية بالبحث عن شراكات تعمل على ابعاد بن غفير وتصريحاته العنصرية من منصبه.  

شكر خاص لكل من ساهم في انجاح المسيرة 

سيدة الأعمال غادة زعبي، المؤسسة والمبادرة لموقع "بكرا"، والتي بادرت إلى الاحتجاج سوية مع ناشطين وناشطات آخرين، قالت في خطابها أنّ الألم واحد وكبير، من النقب إلى الجليل.

وأوضحت أنّ هذه المسيرة هي صامتة، إلا أنها تحمل أقوى صرخة تقول كفى للعنف، الذي بات يطال كل بيت وكل فرد فينا.

وتطرقت إلى حيفا، المدينة التي ولدت فيها، والتي تعاني اليوم من جريمة بشعة، موضحة أنّ انقاذ الوضع هي مهمة ملقاة على الجميع، يهودًا وعربًا، فالمجتمع العربيّ بعيد عن العنف، وما يحدث هنا مؤشر لتقاعس الشرطة وأجهزة الأمن.

وأكدت أنّ التعاون والشراكة اليهودية العربية القوية، قادرة على النهوض من هذه الآفة وإنقاذ عشرات الشباب الذي يحلمون بغدٍ أفضل.

وشكرت زعبي كل من ساهم في إنجاح المسيرة فردًا فردًا، كما وشكرت أعضاء المنتدى الشعبي، وثمنت دور رؤساء السلطات المحليّة وتجندهم لإنجاح المسيرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]