يائير ساكوف*
آلاء مصاروة من الطيبة تقول "كان هذا البرنامج أحد أهم البرامج التي شاركت فيها". مُضيفةً "تعلمت طريقة التفكير التجاري والمبادرة، وحصلت على أدواتٍ لإقامة شرِكة. لقد تضمن البَرنَامَج الدمجَ بين ورشات العمل ضمن فريقٍ والمُرافقة الوثيقة من مُوَجِّهين تجاريين كبار من مجال الصناعة، ما ساعدني على التطوّر مهنيًّا وشخصيًّا". آلاء هي خريجة الفوج الخامس من بَرنَامَج jumpTAU مُسرّع أعمال الشركات الناشئة، التابع لمركَز المبادرات في جامعة تل أبيب. في البَرنَامَج الذي يُقدَّم مَجّانًا للمشاركين من المُجْتَمَع العربيّ، يتعلم المشاركون كيفيةَ تحويل فكرةِ مشروعٍ تجاريٍّ أو اجتماعيٍّ، إلى شرِكة ناجحة.


الشركة الناشئة (الستار آب) ليست مصلحة تجاريَّة عاديَّة. فإقامتُها ليست مماثلة لإقامة متجرٍ لبيع الملابس أو شرِكة سفريات يستندان إلى حاجة السوق، ويتنافسان في سوقٍ قائم. لأن إقامة شرِكة ناشئة تعتمد على اكتشاف مُشْكِلة في السوق، وتقديمِ حلٍ عَصْريٍّ لها. يتم حلُّ مُشْكِلةٍ أحْيانًا لم يتم العثور على حل لها سابقًا أو أن الحل القائم مُعقَّد وغير ناجع. نأخذ على سبيل المثل اختراع الغسالة. فطوال مئات السنوات، كانت النساء يَغْسِلْنَ الملابسَ في الأنهار، أو في أحواضِ الغسيل في المنزل. أما عندما تم اختراع الغسالة، فقد تحررت النساء من هذا العمل الشاق، وهكذا كان هذا الاختراع أحدَ العواملِ لدخولهن في سوق العمل.

يؤدي مُنتَجٌ أو خِدْمةُ قائمان إلى حلِّ مُشْكِلة بشكل جزئي، وإلى تحسينها بشكلٍ كبيرٍ

في حالاتٍ أخرى، يؤدي مُنتَجٌ أو خِدْمةُ قائمان إلى حلِّ مُشْكِلة بشكل جزئي، وإلى تحسينها بشكلٍ كبيرٍ. ينجح الطاقم المؤسس في الشرِكة الناشئة في أن يكتشف الحاجةَ في السوق، وأن يطوّر حلا لها، مثل شركة إرساليَّات الطعام Hatt. شركة وولت (Wolt) هي الشركة الرائدة في إرساليَّات الطعام من المطاعم. فهي تُوفّر حلا للزبائن الذين ليسوا معنيين بزيارة المطعم أو الذين ليسوا قادرين على زيارتِه، ويفضّلون أن يصلَ الطعامُ إليهم. يطلب الزبائن الوجباتِ عبر موقع إنترنت شرِكة وولت المرتبط بمواقعِ إنترنت المطاعم، يختارون مطعمًا مُحددَا، يراجعون قائمةَ الطعام في الإنترنت، ثُمَّ يختارون الوجبات، ويدفعون ببطاقة الائتمان.

بعد طلب الوجبات، يجمع عاملُ إرساليَّات شركة وولت (Wolt) الوجبات من المطعم، وينقلُها إلى الزبون. هذه الخِدْمة ليست ملائمة لاحتياجاتِ المُجْتَمَع العربيّ، لأن شركة وولت تعتمد على أن يكون لدى كل مطعم موقع إنترنت لطلب الوجبات، وأن تكون بطاقة ائتمان لدى الزبائن للدفع مقابلَ الوجبات، وأن تتوفر في البلدات التي تعمل فيها أسماءٌ للشوارع، وأرقامٌ واضحة للمنازل. لكن لا تنطبق كل هذه الشروط على قسمٍ كبيرٍ من المُجْتَمَع العربيّ. لقد أُقيمت شركة Hatt لحل هذه المُشْكِلة، وأصبحت شرِكة ستارت آب ناجحة جدًا في البلدات العربيّة.

المبادرون الذين يقيمون شركات ناشئة، يدخلون غَالِبًا في مجالاتٍ جديدةٍ ليست مألوفة
المبادرون الذين يقيمون شركات ناشئة، يدخلون غَالِبًا في مجالاتٍ جديدةٍ ليست مألوفة. فعندما اخترعت الشركة الأولى الغسالة وسوّقتها، أخذت بعين الاعتبار الخطرَ من أن تخشى النساء من أن يَضَعْنَ الملابسَ في الغسالة خَشْيةً من إلحاق الضرر بالملابس، وأن يتابعن الغسيل اليدوي. كما أن شركة هات (Hatt) قد دخلت في مجال ليس مألوفا، ولم يكن واضحًا إذا كان من المُتوَقَّع أن يستعمل الزبائن الخدمةَ التي تُقدِّمُها. لذلك، قبل إقامة شركة ناشئة، يهتم المبادرون خلالَ عدة أشهر بدراسة السوق واحتياجات الزبائن. وفي عملية التعلّم هذه، يتحدثون معَ الزبائن والشركاء المُحتملين، ويفحصون جدوى إقامةِ المشروعِ من ناحية اقتصادية وتكنولوجية، وغيرها. قد تستغرق هذه المرحلة ستةَ حتى ثمانيةَ عشر شهرا. في نهايتها، يتخذ المبادرون قرارًا حول إقامة المشروع، وقد يرَوْن أَيْضًا أنه من غير المُناسبِ إقامة شرِكة ناشئة، ويجب إنهاء نشاطاتِهم تجنبًا لتكبُّدِ التكاليفِ والخسائر.


كيف نقوم بالمشاريع؟ كيف نكتشف مُشْكِلةً هامةً في السوق يرغب الكثيرون في حَلِّها، وهم مستعدون للدفع مقابلَ المُنتَجِ أو الخِدْمةِ اللذين يُقَدِّمَانِ المساعدةَ لهم؟ كيف تُبنى الشرِكة؟ كيف نبني نموذجًا تجاريًّا لشرِكة؟ كيف نُجَنّْدُ المال لإقامة الشرِكة؟


في السنوات الأخيرة، أُقيمت برامجُ عملية تساعد المبادرين على إقامة شركاتٍ ناشئة. تُدعى هذه البرامج مُسرّعات الأعمال (معنى كلمة اكسليرتور - Accelerator- هو مُسَرِّع). في هذه البرامِج يتعلم المبادرون كلَّ ما يحتاجُونَه حولَ إقامةِ شرِكةٍ ناشئةٍ، وفي الوقت ذاتِه، تساعدُهم على إقامة مشاريعِهُم بسرعة. برنامج jumpTAU، هو أحدُ برامجِ مُسرّعات الأعمال الرائدة في إسرائيل، وتابع لمركَز ريادة الأعمال في جامعة تل أبيب. فاز البرنَامَج بمنحة سُلطة الابتكار (من بينِ نحوِ ثلاثين برنَامَجًا مُشاركًا في المُناقَصة)، وهكذا يمكنُه تقديمَ المُشاركة مجانًا للمشاركين من المُجْتَمَع العربيّ.


يستغرق برنَامَج jumpTAU أربعةَ أشهرٍ تقريبًا، ويُجرى في جامعة تل أبيب. يشارك المشاركون بصفتِهم فريقا مؤسسا لشركة ناشئة، أو ينضمون إلى فريقٍ قائم ويشاركون في لقاءات ورشات العمل الأسبوعية التي يخططون فيها لإقامة شرِكتِهم. يحظى كلُّ فريق في البرنَامَج بمرافقةِ مُوجِّهَيْن من كبار رجال الأعمال في الصناعة. يجري الحديث عن مديري شركات ناشئة ناجحين أو مُديرين كبار في شركات مثل إنتل، مايكروسوفت، بنك لئومي، وغير ذلك. يعمل المُوجِّهيْن بشكل وثيق مع طاقم العمل في كلِّ مراحل التعلّم، ويربطون بينه وبين الزبائن والشركاء المحتملين، ويعملون معَهُ على تطوير الشرِكة لتصبحَ شركةً ناجحةً.

لم ننجح في تحقيقِ ما حققناه في مشروع Job360 لولا ما تعلّمناه في برنَامَج مُسرّعات الأعمال

"لم ننجح في تحقيقِ ما حققناه في مشروع Job360 لولا ما تعلّمناه في برنَامَج مُسرّعات الأعمال"، تقول أميرة قاسم جابر من الناصرة، المُشارِكةُ في الدورة الثالثة من بَرنَامَج jumpTAU. البَرنَامَج شامل جدا، وقد قدّم لنا المُوجِّهون مساعدةً كبيرةً، لبناءِ خطةِ العمل التجارية ولفحصِ الفرصِ المتاحة أمامنا في السوق. لا شك أن القفزةَ التي حققناه في بَرنَامَج مُسرّعات الأعمال قد ساعدتنا كثيرًا في تجنيدِ الأموال لاحقًا".
يعمل برنامج مُسرّعات الأعمال بالتعاون مع صناديق استثمار تستثمر في الشركات الناشئة وهي في بداية طريقها. أحدُ الصناديق الرائدة في هذا المجال هو صندوق الاستثمار تكوين (Takwin) الذي يستثمر في مشاريع لمبادرين عرب. "لقد طوّرنا في تكوين أدوات خاصة تساعد مبادرين من المُجْتَمع العربيّ"، يقول فادي سويدان، مُدير عام التسويق والتطوير المهنيّ في الصندوق، مضيفًا "في يومنا هذا لدينا بورتوفوليو (نماذج أعمال) لعددٍ من الشركات التي أقامها مبادرون عرب والتي تُطوّر مُنتجاتٍ وخِدَماتٍ مُميّزَةً. التعاون مع مركَز المبادرات في جامعة تل أبيب يمنحنا نحن والمركَز دراسةَ مشاريع، ومساعدتَها على النجاح في المرحلة الأولى".


في الأفواج الأربعة الأولى من برنَامَج مُسرِّع jumpTAU شارك أربعين فريقا، من بينهم ثمانيةُ أَفْرِقَة نجحت في إقامة شركات ناشئة وجنَّدَت نحوَ مئةٍ وأربعينَ مليون دولار بالمجمل.


"ندعو المبادرين من المُجْتَمَع العربيّ إلى الانضمام إلى الفوج السادس لدورة مُسرِّعات الأعمال الخاص بنا"، يقول يائير ساكوف، مؤسس ورئيس مركَز ريادةِ الأعمال، مُضيفًا "في السنوات الأربعة الأخيرة، تخرجت خمسةُ أفواجٍ بنجاحٍ، وندعو المبادرين وأصحابَ الأفكار العصريّة أن ينضموا إلى الفوج القادم".


هل اكتشفت مُشكِلة في السوق؟ هل لديك فكرة لشرِكة ناشئة؟ ندعوك إلى الانضمام إلى برنامج مسرّع jumpTAU التابع لمركَز المبادرات في جامعة تل أبيب. كل التفاصيل في الرابط التالي: https://enter.tau.ac.il/jumpTAUevent50-50. الفوج السادس يبدأ في مطلع شهر تشرين الثاني 2023 وقد بدأ التسجيل.

(*) يائير ساكوف هو رجل هايتك، مبادر، رئيس مركز المبادرات في جامعة تل أبيب، ومحاضر في كُلِّيَّة الهندسة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]