أنا غدير هاني، من سكّان مدينة عكّا، مدينة مختلطة في شماليّ البلاد ( يسكنها عرب فلسطينيون ويهود) ، ناشطة من أجل تحقيق السلام والمساواة والعدالة الاجتماعيّة.

لستُ سياسيّة، ولستُ رئيسة بلديّة أو قائدة رسميّة، لهذا فإنّي أتوجّه إليكم باسمي أنا مجرّدًا من أيّ ألقاب، سوى أنّي امرأة ومواطنة فلسطينية عربية في دولة إسرائيل، وابنة للشعب الفلسطيني.

أناشدكم في رسالتي هذه أن تصغوا بعقولكم وقلوبكم للوجع والأسى الفظيع الّذي نعاني منه كأقلية فلسطينية عربية في إسرائيل، جرّاء استفحال جرائم القتل في شوارعنا وأحيائنا.

منذ مطلع عام 2023، قُتل 176 عربيًّا فلسطيتيًا، ما بين رجال، نساء، أطفال، شباب، فتيات، أمّهات وآباء. لا يمكن لأيّ عاقل أن يغفل أو يتجاهل مآسي العائلات الّتي تفقد ابنها أو ابنتها، تلك المآسي الّتي تتزايد يومًا بعد يوم، في ظلّ انضمام عائلات أخرى لدائرة العائلات الثكلى المفجوعة.

تشكّل الاقلية الفلسطينية العربية في إسرائيل نحو 21% من مجمل سكّان الدولة

أتوجّه إليكم ليس فقط كي تصغوا لمآسي تلك العائلات، وإنّما توجّهي هذا يحمل بالأساس طلبًا عاجلًا ورجاء، بأن تبذلوا كلّ جهد ممكن لتحفيز الحكومة الإسرائيليّة ودفعها على تبنّي الخطط الّتي وضعتها وأقرّتها الحكومة السابقة، لتعيين منسِّق مهني كبير قادر على متابعة هذه الآفة ومعالجتها، بالتعاون والشراكة مع قيادات المجتمع الفلسطيني العربي في كافّة خطوات وسيرورة اتّخاذ القرارات.

تشكّل الاقلية الفلسطينية العربية في إسرائيل نحو 21% من مجمل سكّان الدولة. نقوم نحن كمواطنين بدور مركزيّ في حياة المجتمع الإسرائيلي عامّة، ويعمل كثيرون منا يوميًّا من أجل تحصيل مجتمعٍ قائم على قِيَم التسامح والمساواة. كأقلّيّة قوميّة، لا نزال منذ عشرات السنين نعمل على أن نوفّق بين انتمائنا القومي والثقافي والديني كأبناء للشعب الفلسطيني من جهة، وبين كوننا مواطنين في دولة إسرائيل من جهة أخرى. نحن لا نتنكّر لمواطنتنا، فنحن جزء لا يتجزّأ من المجتمع الإسرائيلي - في الجامعات والمستشفيات وأماكن العمل والسكن. لدينا جميعًا معارف وأصدقاء يهود، ويعمل كثيرون منّا على تعزيز قِيَم ومعاني السلام بين الشعبين الفلسطيني واليهودي. لكنّ أولويّاتنا في هذه الأيّام، ومنذ وقت طويل، منصبّة في المقام الأوّل على حماية أنفسنا والحفاظ على حياتنا، وتحقيق أبسط معاني الحياة، بالخروج من بيوتنا والعودة إليها سالمين آمنين دون أذًى أو خوف أو تهديد!

الحكومة الإسرائيليّة هي المسؤولة عن سياسات الشرطة. وزير الأمن القومي، معروف بعنصريّته وكراهيّته وعدائيّته للعرب الفلسطينيين في البلاد، وأوّل ما قام به حين تولّى منصبه إيقاف خطط الحكومة السابقة بشأن الأقلية الفلسطينية العربية، وهي خطط أثبتت فاعليّتها حقيقةً خلال وقت قصير، في تعزيز حياة آمنة للعرب في هذه البلاد.

أتوجّه إليكم طالبة مساندتكم ودعمكم لنضالنا الّذي لا ينبغي لأيّ مجموعة أو مجتمع أن يحتاج مثله

إنّني أتوجّه إليكم طالبة مساندتكم ودعمكم لنضالنا الّذي لا ينبغي لأيّ مجموعة أو مجتمع أن يحتاج مثله - النضال من أجل الحقّ في الحياة.
في العام الماضي، شاركتُ في دورات تدريبيّة لنساء من مختلف الطيف السكّاني في إسرائيل، نظّمتها جمعيّة إيتاخ معكِ -حقوقيّات من أجل العدالة الاجتماعيّة- لتأهيل نساء على إدارة مفاوضات سياسيّة دوليّة برؤية جندريّة. وكجزء من هذه الدورة، حللتُ ضيفة في بيوت العديد من السفيرات والسفراء في البلاد، وذلك انطلاقًا من التزام السفارات بتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة رقم 1325. إنّ أمني الشخصي، أمن صديقاتي وأصدقائي في المجتمع الفلسطيني العربي في إسرائيل، هو جزء لا يتجزّأ من تطبيق مفاهيم القرار 1325، وأنا على علم ويقين بمدى أهمّيّة هذا القرار بالنسبة للمجتمع الدولي.

في حال رأيتم حاجةً بالاطّلاع على الأمر عن كثب وعلى أرض الواقع، والالتقاء بعائلات من رحم المعاناة، وفهم القضيّة بعمق أكثر، فأنا على استعداد تامّ لاستضافتكم مع العديد من شريكاتي وشركائي في النضال من أجل الحقّ في الحياة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]