تظاهر آلاف الإسرائيليين، مساء السبت، بجميع أنحاء البلاد، مطالبين بإقالة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو لدوره في في فشل الأجهزة الأمنية في منع هجوم حماس في السابع من أكتوبر واندلاع الحرب في غزة.

وقاد المظاهرات نشطاء وسكان التجمعات القريبة من الحدود مع غزة ولبنان الذين تم إجلاؤهم من منازلهم، حسبما نقلت صحيفة "هآرتس".

واحتج مئات الأشخاص في بلدة قيساريا، بالقرب من مقر إقامة نتانياهو الخاص، حيث قال عضو الكنيست السابق عن حزب ميرتس، يائير جولان، في المظاهرة، إن "ليس لهذا الرجل أية اعتبارات سياسية أو أمنية أو إنسانية سوى مصلحته الشخصية.. لقد جر وما زال يجر إسرائيل إلى الكارثة".

وأضاف جولان، أنه "من وجهة نظر نتانياهو، كل ما يريده هو حرب لا نهاية لها، دون جداول زمنية أو أهداف واضحة، لأنه المخرج النهائي من وضعه الحالي"، في إشارة إلى المتابعات القضائية التي تلاحقه.

تجدد الاحتجاجات
وبوسط تل أبيب، لم تمنع الأمطار الغزيرة، آلاف الأشخاص، من الخروج للاحتجاج ضد حكومة نتانياهو ومطالبتها بالرحيل، حسبما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز".

ووصفت الصحيفة الأميركية هذه الاحتجاجات الموجهة ضد الحكومة بـ"النادرة"، مشيرة إلى أنه، على مدى شهرين (منذ هجوم 7 أكتوبر)، ركز المتظاهرون في شعاراتهم على مؤازرة أقارب وأصدقاء الرهائن، والمطالبة ببذل جهود لاستعادتهم جميعا من قطاع غزة، قبل أن "تتسرب الاحتجاجات المناهضة للحكومة مجددا إلى الساحات".

ومنذ السابع من أكتوبر، تقول الصحيفة، إن المشاعر المناهضة للحكومة والتي كانت شائعة في السابق "خفتت"، بعد أن أوقف المتظاهرون الاحتجاجات القوية التي عرفتها شوارع البلاد، على مدار أشهر، ضد الإصلاحات القضائية التي تعتزم الحكومة اليمينية تنفيذها.

وكانت الحكومة التي شكّلها نتانياهو في ديسمبر من العام الماضي، ضمن ائتلاف ضم أحزابا يمينية ودينية متشددة، قد أعلنت عن مشروع تعديل النظام القضائي، في مطلع يناير.

وشهدت الأشهر التسعة التي سبقت اندلاع الحرب، احتجاجات حاشدة ضد إصلاحات قضائية مثيرة للجدل تسعى حكومة نتانياهو إقرارها، ويرى فيها معارضون تهديدا للديموقراطية الإسرائيلية.

ويرى معارضو المشروع أنه يرمي إلى تقويض السلطة القضائية لصالح السلطة السياسية، محذّرين من أنه يشكّل تهديدا للنظام الديموقراطي.

لكن نتانياهو ووزير العدل، يعتبران أن تعديل النظام القضائي خطوة أساسية لإعادة التوازن إلى فروع السلطة، إذ يعتبر رئيس الوزراء وحلفاؤه، أن قضاة المحكمة العليا مسيّسون ويتمتعون بسلطة أعلى من تلك التي يتمتّع بها النواب المنتخبون.

والآن، مع اقتراب الحرب من دخول شهرها الثالث، قال متظاهرون إنهم شعروا بالحاجة إلى استئناف احتجاجاتهم ضد الحكومة، حسبما نقلته "نيويورك تايمز" التي لفتت إلى مشاعر الغضب العارم التي عبر عنها المتظاهرون من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

وقال غاي زيوف (56 عاما)، وهو متظاهر من رمات غان، نواحي تل أبيب: "في البداية حاولنا أن نكون مهذبين، لكننا فهمنا أنه لا يمكننا الانتظار بعد الآن". مضيفا: "يجب على بيبي أن يرحل"، في إشارة إلى اللقب الذي يشتهر به نتانياهو.

ونجا نتنياهو، الذي قضى أطول فترة في حكم إسرائيل رئيسا للوزراء، من العديد من الأزمات السياسية، وعاد عدة مرات، ولن يحتاج إلى خوض انتخابات أخرى لمدة ثلاث سنوات إذا ظلت حكومته الائتلافية قائمة، بحسب رويترز.

ضغط لإعادة الرهائن
من جهتها، نقلت "تايمز أوف إسرائيل"، أن المتظاهرين المشاركين، حثوا الحكومة على التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المختطفين بغزة.

ومع تعثر المحادثات بشأن جولة ثانية من إطلاق سراح الرهائن على الرغم من التقارير التي تحدثت عن إحراز تقدم في الأيام الأخيرة، دعا رهائن سابقون وأقارب بعض من 129 شخصا ما زالوا مختطرفين في غزة، وخبراء عسكريون وإعلاميون "إسرائيل إلى القيام بما هو مطلوب لإعادتهم إلى منازلهم على الفور".

وقال رئيس البحرية الإسرائيلية السابق اللواء (احتياط)، إيلي ماروم: "إن إسرائيل قوية بما يكفي لتحمل الثمن الذي سيتم دفعه، مقابل إطلاق سراحهم"، مضيفا أن "على القيادة أن تتخذ قرارات صعبة وأنا متأكد من أن الجيش الإسرائيلي قادر على التعامل مع أي شرط يوافق عليه مجلس الوزراء".

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في بيان إنه عبر خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، السبت عن تقديره لموقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن، في إشارة على ما يبدو إلى مناقشات المجلس بشأن حرب غزة.

وذكر البيان أن نتنياهو "أوضح أيضا أن إسرائيل ستواصل الحرب حتى تحقيق جميع أهدافها بالكامل".

وتحدثت شارون ألوني كونيو، التي تم إطلاق سراحها كجزء من اتفاق الهدنة الأخير، مع توأميها إيما ويولي البالغتين من العمر 3 سنوات، علنا لأول مرة عن تجربتها في غزة في المظاهرة.

وقال ألوني التي لا يزال زوجها، ديفيد كونيو، رهينة بغزة: "إن إعادة الرهائن تمثل الأولوية القصوى الآن، وليس بعد عام آخر". ولا يزال أرييل كونيو، شقيق زوجها، وصديقته أربيل يهود وشقيقها دوليف يهود رهائن أيضًا.

وقالت: "في الأسابيع القليلة الماضية، لم تقدم الحكومة أي مبادرة خاصة بها". "بدلاً من ذلك، كل يوم تقريبًا، لا تخرج من غزة سوى الأخبار السيئة عن الجثث"، مشيرة إلى حادثة قتل القوات الإسرائيلية ثلاثة رهائن بالخطأ.

ومع ذلك، عبر العديد من المتظاهرين عن قلقهم من تسييس أزمة الرهائن.

وقالت دينا ووكر، 27 عاماً، خلال تجمع الرهائن: "في عالم مواز، كنت سأشارك في الاحتجاج الآخر" (المعارض للحكومة)، مضيفة "أعتقد أنه من المهم إظهار الدعم والتأكد من عودة الناس إلى ديارهم. وبعد ذلك يمكننا الاعتناء بالباقي".

وكشف منظمو الاحتجاجات من "منتدى أسر الرهائن والمفقودين"، إن عائلات وأقارب الرهائن وداعميهم، سيسيرون نحو الكنيست مرة أخرى، الأحد للتأكيد على ضرورة إعادة الرهائن إلى وطنهم.

في هذا السياق، تتواصل جهود الوسطاء المصريين والقطريين لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة بين إسرائيل وحماس. وكانت هدنة أولى استمرت أسبوعا فينوفمبر أتاحت الإفراج عن 105 رهائن و240 أسيرا فلسطينيا وإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع.

لكن وجهات نظر طرفي النزاع ما زالت متباعدة. إذ تطالب حماس بوقف الحرب قبل بدء أي مفاوضات بشأن الرهائن. وإسرائيل منفتحة على فكرة الهدنة لكنها تستبعد أي وقف لإطلاق النار قبل "القضاء" على الحركة، وفقا لفرانس برس.

وتعهدت إسرائيل تدمير حماس التي تصنفها هي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية"، وذلك ردا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة في 7 أكتوبر على أراضيها، وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد أعدته وكالة فرانس برس، استنادا إلى الحصيلة الإسرائيلية.

كما احتجز مقاتلو حماس وفصائل أخرى نحو 250 رهينة، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، بحسب إسرائيل.

وخلفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة حتى الآن 20057 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 50 ألف جريح، وفق أحدث حصيلة صادرة عن السلطات في القطاع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]