كشف قيادي في حركة "حماس"، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المقاومة بدأت تستعد للخطوة الإسرائيلية الرامية إلى اجتياح رفح"، مشدداً على أن "عملية رفح لن تكون نزهة كما يظن قادة الاحتلال"، ومؤكداً في الوقت ذاته أن "مقاتلي المقاومة في جميع الفصائل، على أتم الاستعداد لإلحاق خسائر كبيرة بجيش الاحتلال". وقال إن "كل المؤشرات الواردة للمقاومة، سواء عبر الوسطاء، أو ميدانياً، تشير إلى إصرار إسرائيلي على تنفيذ عملية رفح".

من جهة أخرى، كشف القيادي في الحركة، عن "تنسيق عالي المستوى" مع مكونات محور المقاومة، قائلاً إن "رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يقود المنطقة بالكامل إلى انفجار، في حال حدوثه، لن يستطيع أي طرف السيطرة على تداعياته". وكشف عن أن "المشاورات الأخيرة بين قيادة الحركة ومحور المقاومة، جرى خلالها التشديد على عدم السماح بكسر المقاومة في غزة تحت أي ظرف ومهما كلّف ذلك".

عملية رفح وتسخين الساحات
في سياق آخر، قال القيادي في "حماس"، إن "التسريبات الإسرائيلية في وسائل الإعلام العبرية بشأن تعنّت الحركة لإفشال جولة المفاوضات المعنية بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والجارية في العاصمة القطرية الدوحة، تأتي لتسخين الساحات المختلفة خلال شهر رمضان، بحسب المزاعم الإسرائيلية".

وكشف المصدر أن الحركة "أبدت مرونة كبيرة خلال المفاوضات الجارية، إلا أنه بدا واضحاً أن الجانب الإسرائيلي متعنّت منذ اللحظة الأولى، وهو ما سبّب أيضاً خلافات داخل المعسكر الإسرائيلي، في ظلّ ميل بعض مكونات هذا المعسكر للتجاوب مع الضغوط الأميركية الرامية لتفويت الفرصة أمام تصعيد إقليمي، عبر وقف القتال في القطاع".

واشنطن تبطل مفعول قرار وقف النار في غزة
ودلّل المصدر على "المرونة" التي أبدتها الحركة، بالقول إن "قيادة الحركة أبدت استعداداً لزيادة أعداد المجندات اللواتي من الممكن أن يشملهن الاتفاق، لتصل إلى 10 مجندات بدلاً من 5، وذلك رغم أن الحركة كانت تتمسك في السابق بعدم استكمال أي مراحل أولية من أي اتفاقيات تنص على خروج عسكريين تمّ أسرهم من داخل الوحدات العسكرية أو من داخل الدبابات".


وأشار القيادي إلى أن "حماس ربطت زيادة أعداد المجندات في المرحلة الأولى من الاتفاق، بموافقة الجانب الإسرائيلي على إطلاق سراح 30 من أصحاب المؤبدات في السجون الإسرائيلية، مقابل كل مجندة، وذلك أيضاً بعدما تنازلت الحركة في وقت سابق عن إطلاق سراح 50 من أصحاب المحكوميات العالية أمام كل مجندة".

وأوضح القيادي أن "من بين المزاعم التي يروجها الإعلام العبري باعتبارها عقبات وضعتها حماس أمام سير المفاوضات وتعطيل الاتفاق، أن الحركة تتمسك بتحديد أسماء أصحاب المؤبدات الذين من المقرر أن يطلق سراحهم خلال الاتفاق"، قائلاً إن الحركة "أبدت مرونة كبيرة في هذا البند أيضاً"، مضيفاً أنها "تنازلت عن تحديد الأسماء باعتبار أن كل أصحاب المؤبدات يستحقون الخروج".

تنازلت "حماس" عن تحديد أسماء الأسرى الذين تطالب بمبادلتهم باعتبار أن كل أصحاب المؤبدات يستحقون الخروج

وقال القيادي الحمساوي، إنه "في مقابل المرونة التي أبدتها حماس والمقاومة من أجل التوصل لاتفاق يخفف المعاناة على أبناء شعبنا، أبدى الجانب الإسرائيلي تشدداً في رفض كل المحاولات الرامية للتوصل لاتفاق يقضي بتحرير أسراه"، مشيراً إلى أنه "على الرغم من تواصل المفاوضات، إلا أنه لم يقدم بعد أي إشارات على المطلب الرئيسي للمقاومة بالوقف الدائم للحرب ضمن عملية مرحلية، كما يرفض مطالب المقاومة بشأن الانسحاب من المناطق التي حدّدتها المقاومة كمرحلة أولى يتبعها انسحاب كامل من القطاع".

وأوضح المصدر أن "ما يمكن القول إن حماس تمسكت به، هو عودة النازحين إلى مناطقهم في الشمال"، قائلاً إن "سبب التمسك بهذا المطلب أنه يأتي تجاوباً مع أبناء شعبنا من النازحين الذين يتمسكون بالعودة إلى مناطقهم"، لافتاً إلى أن "المفاوضين من المقاومة، صدى لصوت شعبهم".

وأشار المصدر إلى أن "الاحتلال لا يزال يراوغ، فهو يقول إنه قد يسمح بعودة نحو 70 ألفاً فقط إلى الشمال، بواقع ألفين من النساء والأطفال يومياً خلال مدة المرحلة الأولى من الاتفاق"، مشدداً على أن "هذا العدد ضئيل للغاية، كما أن الحركة تتمسك بعودة الأسر مكتملة من دون شروط".

تفسير خاطئ لـ"مرونة" حماس

من جهته، قال القيادي في حركة "حماس" باسم نعيم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس خلال عملية التفاوض، بشكل خاطئ، وتعتبرها نوعاً من التراجع، وفي المقابل تزيد من تعنتها في المفاوضات". وحول مدى اقتناع المجتمع الدولي بأن إسرائيل لا تريد وقف إطلاق النار مهما كانت مرونة "حماس"، قال نعيم إن "العالم متأكد أن إسرائيل، وخصوصاً نتنياهو، لا يريد وقف إطلاق النار، وأن الأمر ليس متعلقاً بمرونة حماس، ولكنه حتى اللحظة، لا يمارس الضغط الكافي لإجبار نتنياهو على ذلك".

وفي السياق، قال الكاتب والباحث السياسي إياد القرا، لـ"العربي الجديد"، إن "الإشكالية أن إسرائيل تتعنّت في عملية التفاوض وتريد أن تحصل على امتيازات أكثر وخسائر أقل من عملية التفاوض"، مشيراً إلى أن "وزير حرب الاحتلال (يوآف غالانت) يقول دائماً إن الضغط العسكري يؤدي إلى تحسين عملية التفاوض، لأنهم يعتقدون أن حماس تحت ضغط جماهيري من حيث المعاناة التي يعانيها الناس".

باسم نعيم: العالم متأكد أن نتنياهو لا يريد وقف النار، ولكنه لا يمارس الضغط الكافي لإجباره على ذلك

وأضاف القرا: "لا شك في أن حماس تأخذ ذلك في الحسبان، وقدّمت الكثير خلال الفترة الماضية، مثل التمسك بقضية عودة النازحين باعتبارها تهمّ الناس والمواطنين بشكل أساسي، وهي ترفض إعادة احتلال قطاع غزة بأي شكل من الأشكال، ورغم ذلك قدمت الحركة تنازلات في ما يتعلق بأعداد الأسرى مقابل أن يكون هناك حراك في مسألة عودة النازحين، لكن إسرائيل بالعادة تسيء فهم هذه التنازلات وتعتبرها قضية يمكن من خلالها أن تحصل على تنازلات جديدة من خلال مزيد من الضغط على حماس".

وتابع أن "هناك قناعة في المجتمع الدولي، توضحها التصريحات التي صدرت خصوصاً من العديد من الدول بما فيها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، والتي أصبحت مقتنعة بأن إسرائيل لا تستطيع أن تقضي على حركة حماس، وأن نتنياهو يطيل أمد الحرب لأهداف شخصية، وأن الحكومة الإسرائيلية غير جادة في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن".

بدوره، ركز الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل على ما يتعلق بالأزمة الداخلية لنتنياهو ومساهمتها في قراره مواصلة الحرب. وقال عوكل لـ"العربي الجديد" إن استقالة الوزير في حكومة الطوارئ جدعون ساعر تندرج في خانة اشتداد الأزمة، وربما يستقيل غانتس أيضاً على ضوء الضغط الأميركي، فضلاً عن وجود قنبلة تقترب من الانفجار في وجه نتنياهو، تتصل بالموقف من تجنيد الحريديم، "ولذلك يحاول الهروب نحو تصعيد في الشمال واستمرار المماطلة بشأن صفقة تؤدي إلى هدنة مع حماس ستكون كيف ما الهزيمة لنتنياهو" على حد تعبيره.

المصدر: العربي الجديد

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]