يواجه المجتمع الفلسطيني في الداخل تحديات وصعوبات كبيرة منذ بدء الحرب على غزة، فهو ممنوع من التعبير عن رأيه ومشاعره ولو بابسط الامور تجاه ابناء شعبه، لأن السياسة الاسرائيلية ضد المعارض والمناهض للحرب، لا بل وقامت بتكميم الافواه ووضعت قيودًا على العرب من خلال حملة الاعتقالات الواسعة التي قامت بها الشرطة الإسرائيلية والتي طالت طلابًا جامعيين واكاديميين، وموظفين اقيلوا من عملهم. لقد تم استهداف كل من يتضامن مع المدنيين داخل غزة من خلال النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي او حتى نشر ايات قرآنية تم تفسيرها وفق المنظور الإسرائيلي، كل هذا بوصفه تحريضًا!

ان الاعتقالات والحملات التي تشنها الشرطة تتجاهل حملات التحريض على القتل والملاحقات التي تصدر عن مواطنين يهود.

بين المنع والقمع

منعت الشرطة وقمعت حركة الاحتجاج الشعبية، والتظاهرات التي تتعاطف مع المدنيين في غزة منعًا باتًا في كافة بلداتنا العربية. اما في الجانب الاخر فقد سمحت الشرطة لمعارضي الحكومة اليهود تنظيم مظاهرات يومية في كافة انحاء البلاد والحق في التعبير عن رأيهم دون أي ممارسات لمنعهم.

ما يعانيه فلسطينيو الداخل هو ملاحقة غير مسبوقة وممنهجة. ولا شك ان الطلاب الجامعيين مستهدفون بشكل خاص كونهم شريحة متعلمة ومثقفة. من المفترض أن يمتلك الطلاب الجامعيون الحق في حرية التعبير عن الرأي في الجامعات والكليات من دون ترهيب، لكن منذ بدء الحرب وجد العديد من الطلاب الفلسطينيين انفسهم أمام اللجان التأديبية داخل المؤسسات الأكاديمية بسبب تفاعلهم على مواقع التواصل، وقد أكدت إدارة العديد من المؤسسات التعليمية أنها لن تتساهل مع أي منشور يصنف محتواه كمجتوى تحريضي .

تهم وإعتقالات

عمّم مركز مساواة تقريرًا أفاد بأن الشرطة الاسرائيلية حصلت على صلاحيات من المستشارة القضائية والنيابة العامة وحققت مع 350 مواطنًا عربيًا واعتقلت اكثر من 250 مواطن بتهم تعتبر "تعبيرًا عن الرأي" منهم طلاب ومحاضرين جامعيين.

أكد التقرير أن مركز عدالة تابع غالبية التوجهات من قبل الطلاب الجامعيين، وبحسب المعطيات فقد قامت 33مؤسسة للتعليم العالي بملاحقة 160 طالب جامعي وهي معهد التخنيون، جامعة حيفا، كلية كي، كلية الجليل الغربي وكلية بتسلئيل.

إنتقد التقرير تعامل القضاة والنيابة العامة والشرطة مع المعتقلين العرب وأشار الى موضوع ملاحقة الطالبات الجامعيات العربيات ومنعهن من اتمام مسيرتهن التعليمية. ناهيك عن قيام الشرطة الإسرائيلية بنشر صور وتفاصيل المعتقلات، وأكد على ضرورة متابعة هذه القضايا شعبيًا وبرلمانيًا.

قبل إفتتاح السنة الدراسية الجديدة في مؤسسات التعليم العالي، بادر مركز مساواة لتنظيم ورشات لمجموعة من النشطاء في الجامعات تحضيرًا لمواجهة التحديات المتوقعة.

يوسف طه، مركز الهيئة المشتركة للكتل الطلابية قال حول اعتقال وفصل الطلاب والطالبات: “نرى في هذه الاجراءات جزء من الملاحقة السياسية وإستهداف المجتمع الفلسطيني في الداخل وضد شريحة الطلاب بشكل خاص، لان هذه الشريحة تمثل وعيًاكبيرًا لشعبها وقضيتها وكان لها نشاط سياسي مستمر على مدار السنوات ورؤوها هدفًا إستراتيجيًا لضرب العمل السياسي. إن الحالة الهيستيرية التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي والتعامل مع اي لايك او اي بوست ينشر في وسائل التواصل الإجتماعي كجريمة هو جزء من سياسة كم الافواه، والترهيب، والتخويف التي تمارس ضد المجتمع الفلسطيني في الداخل ".

المحامي عدي منصور من مركز عدالة القانوني شدد على انه منذ بداية الحرب هنالك حملة شرسة ضد الطلاب الفلسطينيين في الجامعات والكليات الاسرائيلية.

فالحديث عن ما يقارب 33 مؤسسة اكاديمية بدأت باتخاذ إجراءات تأديبية اي المثول أمام لجان الطاعة ضد الطلاب بتهمة نشر محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال منصور أنه من المهم ان نؤكد على ان كافة هذه المنشورات ليست لها اي علاقة بأي مؤسسة، اي انها منشورات تم نشرها من حسابات شخصية لهؤلاء الطلاب وليس لها علاقة بالطلاب او العاملين بالجامعات والكليات ولا تمس بأي احد داخل الحرم الجامعي. واضاف ان مركز عدالة يتابع 120 ملفًا ضد هؤلاء الطلاب.

يرى مركز عدالة أن الإجراءات التعسفية التي تتخذها مؤسسات أكاديمية إسرائيلية بحق الطلاب على خلفية آرائهم الشخصية تندرج في إطار الملاحقة السياسية والمس في الحق الدستوري في التعبير عن الرأي فهي أمور لا تقع ولا تندرج ضمن نطاق صلاحيات المؤسسات الأكاديمية التي باتت تعمل كشرطة رقابة على الطلاب. فبدلًا من ان تكون هذه الجامعات آمنة لطلابها من خلالها يتم التعبير عن الرأي والنقد البناء فإنها على العكس تمامًا تتعامل مع الطلاب وكأنهم متهمين. وفي المقابل، لم تكن اي إجراءات جدية على الاقل ضد الطلاب الاسرائيليين الذين يقومون بالتحريض بشكل مستمر ضد الطلاب العرب الذين يدرسون معهم في الجامعات حتى وان كان هذا التحريض مباشرًا.

عدم الشعور بالأمان

تقوم الشرطة الاسرائيلية واجهزتها بفرض ونشر استخباراتها بشكل مكثف مما ادى الى مراقبة كل طالب عربي على مستوى الجامعات والكليات للحد والمنع من التعبير عبر كل الوسائل المتاحة والممكنة. وقد ذكر في بعض الشهادات بأن الشرطة استخدمت وسائل متنوعة ما بين الضغط الاقتصادي والابعاد عن التعليم لما تشكله من ضغوطات نفسية وقلق وعدم الشعور بالامان، خاصة اذا تم نشر الاسم وعدم حفظ الخصوصية.

كانت هنالك إعتقالات عنيفة قامت بها قوات كبيرة من الشرطة التي كانت تصل الى منزل الشخص الذي سيتم إعتقاله وتقوم باقتحام البيت وتفتيشه، وفي العديد من الاحيان يتم وضع غطاء على العينيين. أما خلال التحقيق فكانت هنالك حالات ضرب وشتم وعنف كلامي وجسدي، وتقييدات شديدة على الاكل والماء، ناهيك عن ايقاظ المعتقلين والمعتقلات في ساعات متأخرة من الليل ووضع اعداد كبيرة جدا كبيرة داخل كل زنزانة.يضاف هذا الى تهديدات بجملٍ مثل: “راح تدفعي الثمن ،مش راح تشوفي ضو الشمس وانتوا الي بتدعموا الإرهاب وغيره من الامور”.

وذكر منصور حالة اخرى من الاعتقالات وهي طالبة قاموا بإعتقالها في مكان عملها أمام الجميع وبشكل جدا مهين.

يرى مركز عدالة بأن هذه حملة شرسة انتهجتها المؤسسة ضمن نظرتها للفلسطينيين في الداخل على انهم كالعدو داخل الدولة ولهذا يجب السيطرة عليه ومنعه من ابداء رأيه، وهكذا تحول اي رأي ضد الحرب وضد جرائم الحرب في غزة لجريمة، ومثال على ذلك الاعتقالات خلال مظاهرة ام الفحم التي أفرزت تقديم لوائح إتهام ضد إثنان من النشطاء كوسيلة لتجريم الخطاب السياسي والهتافات.
 

المقالات المنشور تأتي كجزء من مشروع الصحافة الجندرية، المدار من قبل إعلام وبولتكلي كوريت، بدعم من السفارة البريطانية، المقالات تعبر عن موقف اصحابها وليس بالضرورة آراء الجهات الداعمة والمبادرة للمشروع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]