قال الكاتب والمحلل محمد دراوشة في تصريحات خاصة لموقع "بكرا" إن ما تشهده غزة اليوم يرتقي بوضوح إلى مستوى الإبادة الجماعية، في ظل حصار خانق وتجويع ممنهج وانهيار كامل للبنية التحتية، فيما يواصل المجتمع الدولي صمته المطبق أو يتردد في تسمية الأمور بمسمياتها.
وأضاف دراوشة أن ما كشفه الكاتب الإسرائيلي دافيد غروسمان مؤخرًا، حين وصف ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية"، يعكس انكسارًا أخلاقيًا في المجتمع الإسرائيلي الذي ما زال يبرر تجريد شعب كامل من حياته وكرامته، مشيرًا إلى أن الأرقام وحدها كفيلة بكسر هذا الصمت: أكثر من 60 ألف شهيد، نحو 147 ألف جريح، وآلاف العالقين تحت الأنقاض، معظمهم من الأطفال والنساء.
الإنتقائية الأخلاقية
وانتقد دراوشة ما وصفه بـ"الانتقائية الأخلاقية" في التعاطي العالمي مع المأساة، حيث لم تتحرك موجة التضامن العالمية إلا بعد مشاهد المجاعة، وكأن القصف، التهجير، تدمير المستشفيات والمدارس، وإبادة العائلات لم تكن كافية لاستفزاز الضمير العالمي. واعتبر أن هذا الفصل بين "التجويع" و"القتل" يفضح خللًا جوهريًا في المعايير الإنسانية التي تخضع لموازين القوى لا لمبادئ القيم.
وأشار إلى أن ما يحدث في غزة يكرر نمطًا تاريخيًا شهدته رواندا عام 1994، وسربرنيتسا عام 1995، وكمبوديا في السبعينيات، حيث استُهدفت جماعات محددة بالهوية وسط تأخير دولي في الاعتراف والتدخل. وأكد أن تحويل الغذاء إلى سلاح، وترك الضحايا أرقامًا صامتة في التقارير، هو انعكاس لفساد أخلاقي عالمي.
وشدد دراوشة على أن وصف ما يجري في غزة بـ"الإبادة الجماعية" لم يعد تصريحًا سياسيًا أو لغة مبالغًا فيها، بل هو واجب أخلاقي وإنساني لكسر الصمت وحماية الذاكرة، ولإجبار العدالة على مواجهة الحقيقة بدل التهرب منها. وختم بالقول إن غزة اليوم تطلق صرخة تتجاوز الجغرافيا وتتحدى الصمت الدولي، داعيًا إلى إبقاء هذه المأساة حاضرة في الضمير الإنساني حتى لا تلحقها ذاكرة النسيان كما حدث في مذابح كثيرة من قبل.
[email protected]
أضف تعليق