قال وديع أبو نصار، منسق منتدي مسيحيي الارض المقدسة، في حديث لموقع "بكرا" إن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخير ، "يدل على شخصية مأزومة يجب أن تعيد حساباتها في خطواتها". وأوضح أن "من الواضح أن الخطاب كان موجها للرئيس الأميركي دونالد ترامب تحديدًا، إذ إن نتنياهو كان يخاطبه مباشرة ويعي توجهاته".

شر البلية ما يضحك

وأضاف أبو نصار أن الخطاب في جوانب منه يثير السخرية، قائلًا: "شر البلية ما يضحك. قبل أن يتحدث عن المسيحية في بيت لحم، كان الأجدر أن يتحدث عن واقع المسيحيين في البلاد. هل أعاد الحق لأهالي إقرث وبرعم؟ الجواب لا. هل أنصف طلاب المدارس المسيحية التي تعاني من شحّ التمويل؟ الجواب أيضًا لا. قبل أن ينظر إلى رام الله، كان الأجدر أن يتساءل: هل يُعامل المسيحي في البلاد كمواطن أسوة باليهود؟".

وأشار أبو نصار إلى أن تراجع عدد المسيحيين "ليس مقتصرًا على بيت لحم وحدها، وإنما في مجمل البلاد"، موضحًا أن هذا التراجع لا يقتصر على المسيحيين فحسب، "بل يشمل المسلمين واليهود أيضًا، حيث بات الكثيرون يغادرون بسبب حالة عدم الاستقرار الدائمة التي يخلقها نتنياهو، والحروب التي يخوضها، ورفضه المتواصل للتسويات السياسية المطروحة".

وأوضح أبو نصار انه "بكل الأحوال، المسؤول عن بيت لحم وما آلت إليه من أوضاع هو الاحتلال، فإسرائيل بصفتها محتلة تتحمل مسؤولية أي وضع فيها".

ادعاءات نتنياهو وممارسات الاحتلال ضد المقدسات

تصريحات أبو نصار جاءت بعد كلمة ألقاها نتنياهو أمام نحو 180 صحافيًا مسيحيًا من 40 دولة، ضمن مؤتمر نظمه مكتب الصحافة الحكومي، حيث ادّعى أن المسيحيين "مطاردون" من قبل السلطة الفلسطينية، وأن نسبتهم في بيت لحم تراجعت بسبب "الاضطهاد"، واصفًا إسرائيل بأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تضم "مجتمعًا مسيحيًا مزدهرًا".

في المقابل، رفضت السلطة الفلسطينية هذه التصريحات ووصفتها بأنها "أكاذيب وافتراءات ومحاولات لزعزعة الاستقرار في المجتمع الفلسطيني". وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن أقوال نتنياهو "ستفشل في إحداث أي فرقة أو زعزعة لاستقرار المجتمع الفلسطيني ولحمة نسيجه العام، ولن تؤثر على مواقف المسيحيين الأحرار في العالم الذين يقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني ويطالبون بإنهاء الاحتلال والمعاناة".

واتهمت الخارجية نتنياهو بمواصلة "حملته التضليلية للرأي العام العالمي"، مؤكدة أنه يسعى إلى "تسويق جملة من الافتراءات والمغالطات بهدف صرف الأنظار عن الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال والمستوطنون بحق الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم".

كما استنكرت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس ما وصفته بـ"أكاذيب نتنياهو" حول وضع المسيحيين، مؤكدة أن "ما جاء في كلمته محض هراء وكذب مكشوف تكذبه القوانين العنصرية والانتهاكات المستمرة بحق الكنائس وأبناء الشعب بمسلميه ومسيحييه".

وأشارت اللجنة إلى أن "دولة الاحتلال" هي التي "تنتهك حرمة المقدسات، وتفرض القوانين العنصرية التي تستثني المسيحيين والمسلمين من الحقوق الطبيعية، وتمنح امتيازات المواطنة الأولى لليهود وحدهم"، معتبرة أن قانون القومية الصهيوني يمثل "أحد أكبر الأخطار على الوجود المسيحي في فلسطين".

وأضافت اللجنة أن تراجع أعداد المسيحيين في بيت لحم "ليس نتيجة اضطهاد من السلطة الفلسطينية كما يدّعي نتنياهو، بل بسبب سياسات الاحتلال التي عزلت المدينة عن محيطها الطبيعي بإنشاء الجدار والمستوطنات التي تخنقها من كل صوب، ومصادرة أراضيها، وفرض ضرائب تعسفية على الكنائس وممتلكاتها".

وأكدت أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الكنائس وممتلكاتها، إلى جانب محاولات الاستيلاء على أملاك مسيحية في القدس عبر الاحتيال والتزوير، هي التي "تهدد الوجود المسيحي والإسلامي وتستهدف وحدة الشعب الفلسطيني وتقاليده التاريخية في العيش المشترك".

وبين الردود الفلسطينية والتحليلات المحلية، يظهر خطاب نتنياهو كمحاولة مكشوفة لإعادة ترتيب أولويات النقاش الدولي، وتحويل الأنظار عن السياسات الاستيطانية والاعتداءات اليومية، عبر إثارة ملف ديني حساس يخاطب به جمهوره الداخلي من جهة، وحلفاءه الأميركيين من جهة أخرى.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]