اعتبر د. سامر سويد أن المؤتمر الصحافي المشترك بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يكن سوى "مسرحية سياسية"، مشددًا على أن جوهر ما طُرح يتجاوز الاستعراض الإعلامي. وأوضح أن الخطة المطروحة، والتي تضم 21 بندًا، تتمحور حول إنهاء الحرب بشكل كامل، انسحاب إسرائيل من غزة، وإعادة المحتجزين، وهي نقاط قال إنها تتطابق إلى حد كبير مع المطالب التي رفعتها حركة حماس منذ بداية الحرب.

وأضاف سويد أن نتنياهو يحاول استغلال اللحظة لتسويق الخطة على أنها انتصار شخصي له، في حين أن الحقيقة أكثر تعقيدًا. فقبول هذه البنود يعني تنازلاً عمليًا عن بعض المواقف التي كان يصرّ عليها، ومع ذلك يسعى لعرضها كإنجاز كبير أمام جمهوره الداخلي والخارجي.

تداعيات سياسية داخل إسرائيل

وأشار د. سويد إلى أن المألات السياسية لهذه الصفقة لم تتضح بعد، لكن إشارات مهمة بدأت تظهر، أبرزها تصريح بيني غانتس الذي أعلن أنه مستعد لفعل كل شيء لتمرير الخطة. هذا الموقف، بحسب سويد، يلمّح إلى إمكانية دخول غانتس في حكومة وحدة مع نتنياهو إذا لزم الأمر. كما أضاف أن هناك أحزاب معارضة أخرى قد تلجأ إلى دعم الحكومة من الخارج، وهو ما قد يفتح الطريق أمام نتنياهو لتمرير الاتفاق حتى في ظل هشاشة ائتلافه الحالي.

مع ذلك، أوضح أن التكهن بانتخابات مبكرة ما يزال مبكرًا جدًا. فقرار التوجه إلى صناديق الاقتراع سيبقى بيد نتنياهو، الذي سيتصرف وفق حساباته الانتخابية ومصلحته الشخصية، وليس بالضرورة وفق اعتبارات المصلحة العامة.

الأبعاد الفلسطينية والدولية

وحول انعكاسات الخطة على الفلسطينيين، قال د. سويد إن الإشكالية الكبرى تكمن في أن الضغط الدولي الذي تراكم على إسرائيل طوال الحرب سيتراجع إذا مضت الخطة قدمًا، لأن العالم سيحمّل حماس مسؤولية الرفض في حال امتنعت عن القبول. أما إذا استؤنفت الحرب لاحقًا، فإن هذا الضغط سيعود بقوة ليتجدد من جديد. وأضاف أن نتنياهو قد يكسب أسابيع من الهدوء على الساحة الدولية في حال رفضت حماس، لكنه لن ينجح في تجنّب عودة الانتقادات الدولية عند اندلاع المواجهات مجددًا.

وبرغم تحفظاته، أكد د. سويد أنه ينظر بإيجابية حذرة إلى ما جرى، معتبرًا أن الهدف الأسمى يجب أن يكون وقف الحرب. وقال: "أهلنا في غزة يعيشون مأساة إنسانية خانقة. الناس ضاقت عليهم الدنيا وتشعر أن الأرض ابتلعتهم. هناك سلبيات كثيرة في الخطة، لكن ما يحتاجه الناس قبل أي شيء آخر هو أن تتوقف الحرب".

بين المسرح والسياسة

وفي خلاصة تحليله، شدد د. سويد على ضرورة التمييز بين الطابع الاستعراضي للمؤتمر الصحافي وبين جوهر ما عُرض فيه. المسرحية السياسية، على حد وصفه، لم تغيّر من حقيقة أن المطروح اليوم على الطاولة هو صفقة قد تشكّل نقطة تحول، سواء من خلال إنهاء الحرب أو من خلال إعادة رسم ملامح المشهد السياسي في إسرائيل. لكن مصيرها النهائي يبقى رهين مواقف الأطراف المختلفة، وفي مقدمتها نتنياهو وحماس، وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة أو المعارضة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]