توجّه عضو الكنيست عوفر كسيف هذا الأسبوع إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، على خلفية التصعيد الخطير والمتواصل في عنف المستوطنين في أنحاء الضفة الغربية المحتلة. وجاء هذا التوجّه بعد توجهات متكرّرة ومتواصلة للسلطات الإسرائيلية في هذا الشأن لم يتم حلّها، إضافةً إلى تحقيق بُثّ عبر هيئة البث الاسرائيلية والذي كشف مؤخرًا عن جرائم مشروع الاستيطان في الأراضي المحتلة.
وأكد النائب كسيف في رسالته أنّ الحديث لا يدور عن ظاهرة جديدة بحد ذاتها، إلا أنّه خلال ولاية الحكومة الحالية سُجّل ارتفاع حاد ومقلق في عنف المستوطنين، كما وثّقته تقارير وقواعد بيانات منظمات حقوق إنسان إسرائيلية ودولية، بما فيها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وجاء في رسالته: "منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، سُجّل تصعيد إضافي، حيث تلقّى مستوطنون من الحكومة أسلحة ووسائل قتالية أخرى. ونتيجة لذلك، تعمل عصابات المستوطنين اليوم بصورة متزايدة تشبه قوات شبه عسكرية وتنظيمات إرهابية. هذا التطور الجديد للمجموعات الاستيطانية المسلحة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالارتفاع الحاد في إقامة البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة. هذه البؤر، غير القانونية حتى وفق القانون الإسرائيلي، تتلقى دعمًا ماليًا وتنظيميًا واسعًا من جهات مختلفة في الحكومة. وتتحول لاحقًا إلى قواعد عملياتية أو مراكز نشاط لمجموعات مستوطنين عنيفة، كما كُشف مؤخرًا في تحقيق صحافي لهيئة البث العامة الإسرائيلية برنامج 'זמן אמת׳".
وواصل موضحًا: "يرافق الدعم المباشر من جهات حكومية إسرائيلية ضغطٌ سياسي على سلطات إنفاذ القانون بتوفير حصانة للمعتدين. فمنذ تولّي وزير الجيش الجديد، يسرائيل كاتس، منصبه، منع الجيش من استخدام أوامر الاعتقال الإداري ضد مستوطنين عنيفين. وبالتوازي، مارس وزير الأمن القومي ضغطًا على ما يسمى ب'شرطة لواء يهودا والسامرة’ للامتناع عن فتح تحقيقات جنائية ضد مستوطنين. يسعى الوزيران إلى حماية المستوطنين من الملاحقة القضائية، وقد نجحا في منع أي إجراء إنفاذي جوهري للتعامل معهم". وبناءً على ذلك، هناك أهمية للتحقيق في التواطؤ في الجريمة من قبل وزير الجيش، ووزير الأمن القومي، وأصحاب مناصب مركزية أخرى في الحكومة الإسرائيلية.
وجاء عن النائب كسيف: "يجب النظر إلى إرهاب المستوطنين كظاهرة واسعة ذات دوافع سياسية، نابعة من أيديولوجيا قومية تقوم على التفوق السياسي اليهودي. ورغم أنّ كل اعتداء صادم بحد ذاته، إلا أنّها مجتمعة تكشف نسيجًا من جرائم حرب خطيرة أشد، مثل التطهير العرقي والإبادة الجماعية. وعندما لا ترغب الدولة أو لا تكون قادرة على العمل وفق القانون، يتعيّن على المحكمة أن تحلّ محل منظومة العدالة الداخلية الفاشلة. لقد تجاوزت إسرائيل هذا الحد منذ زمن، حين فشلت في مواجهة إرهاب المستوطنين، وحمت المعتدين من الملاحقة القضائية، بل وساعدت إطارهم التنظيمي".
ويُذكر أنّه، في ظل غياب أي إجراء فعّال من قبل المستشارة القضائية للحكومة بعد توجّهات شخصية منذ أيار 2023 وحتى موسم قطف الزيتون الأخير، قدّم النائب عوفر كسيف التماسًا إلى المحكمة العليا مطالبًا بإصدار أمر بفتح تحقيق جنائي واتخاذ خطوات إدارية بموجب تشريعات مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، وحتى خلال موجة الاعتداءات الحالية في موسم قطف الزيتون، لم تُتَّخذ أي خطوة من هذا القبيل.
[email protected]
أضف تعليق