جولة ميدانية لصحافيين من تنظيم “حرية” في الأغوار الجنوبية: مواجهة الاستيطان من الميدان نظّمت مبادرة حرية، بالتعاون مع نشطاء مجموعة "ينظرون إلى الاحتلال بعينيه"، الجمعة 10.10.25، جولة صحافية ميدانية إلى منطقة الأغوار الجنوبية، شارك فيها اثنا عشر صحافياً من مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، قادها الناشط دورون ماينرت، أحد أبرز النشطاء الإسرائيليين المناهضين للاحتلال. انطلقت الجولة من قرية المغير، شمال شرقي رام الله، وهي من القرى التي تتصدّر باستمرار مشهد المواجهة في الضفة الغربية. فمنذ السابع من أكتوبر 2023، يعيش سكان المغير تحت حصار خانق فرضه الجيش الإسرائيلي والمستوطنون، حرمهم من أراضيهم الزراعية التي تبلغ مساحتها الإجمالية 43 ألف دونم، ولم يُبقِ لهم سوى نحو 950 دونماً فقط هي المساحة السكنية المسموح لهم بالبقاء فيها. وأمس شهدت القرية مواجهات عنيفة بين الأهالي وقوات الجيش، استُخدم فيها الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، في استمرار لسياسة القمع الممنهجة ضد سكانها. من المغير، واصل الصحافيون طريقهم إلى منطقة المعرّجات التي أصبحت خالية تماماً من سكانها بعد تهجيرهم القسري خلال الأشهر الماضية. كانت المعرّجات موطناً لعشرات العائلات من قبيلة الكعابنة، عاشوا لعقود على تربية المواشي والزراعة، قبل أن يتحوّل المكان إلى منطقة أشباح بفعل عنف المستوطنين وبؤرهم الاستيطانية. في يوليو الماضي، رحلت آخر 15 عائلة كانت تقيم في التجمّع، تضم نحو 101 فرد بينهم خمسون طفلاً. وقد تزامن ذلك مع توسّع البؤر الاستيطانية “حفات زوهَر صباح” و”نتسح هرئيل”، اللتين أقيمتا بمبادرة مستوطنين معروفين بعنفهم، من بينهم زوهَر صباح الخاضع لعقوبات دولية. هذه البؤر حاصرت التجمّع من كل الجهات، وضيّقت على سكانه إلى حدٍّ اضطرّهم إلى تفكيك بيوتهم بأيديهم. المستوطنون سرقوا الماشية، سمّموا الأغنام، وأقاموا "قبوراً رمزية للأطفال" مقابل المدرسة كعمل تهديديّ ورسالة ترهيب واضحة. المحطة الثالثة كانت في قرية العوسج، حيث التقى الصحافيون بالناشطة علياء مليحات، إحدى المهجّرين من المعرّجات. تحدّثت عن تجربة العيش في الخيام بعد اقتلاعهم من أراضيهم، وعن إصرارها هي وأسرتها على مواصلة التعليم رغم الظروف القاسية. علياء، التي تتابع دراستها الأكاديمية، تحدثت بفخر عن شقيقها الطبيب وشقيقتها التي حصلت على أعلى معدل في امتحان الثانوية العامة في الأغوار، رغم دراستها في درجات حرارة تتجاوز الأربعين. كلماتها كانت شهادة على صمود الفلسطينيين أمام محاولات الإبادة البطيئة التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهم. في المحطة الأخيرة، وصل الصحافيون إلى خيمة التضامن في الأغوار، التي تضم عدداً من النشطاء الفلسطينيين والأجانب واليهود المناهضين للاحتلال. هناك، دار نقاش موسّع حول التحديات اليومية التي تواجه النشطاء في مواجهة عنف المستوطنين، والسؤال المركزي الذي طرح نفسه كان: أين دور فلسطينيي الداخل في هذا النضال؟ في ختام الجولة، قال المحامي سامح عراقي، مدير مبادرة حرية، إن الهدف من الجولة هو تعريف الصحافيين على واقع العنف الاستيطاني المتصاعد، خصوصاً في موسم قطف الزيتون، والدعوة إلى تضامن فعلي مع سكان الضفة الغربية. وأضاف: "السؤال الذي طُرح في المضافة هو لبّ عمل حرية، فنحن نعمل على دفع الحراكات من الداخل للمشاركة في النضال الميداني بالضفة، دفاعاً عن إخوتنا، وتعزيزاً لصمودهم في وجه الهجمات. قريباً سننظّم جولات تضامن وقطف زيتون، وندعو مجتمعنا إلى الانضمام والمشاركة.” وختم: "تجسّد هذه الجولة، بتفاصيلها ومشاركيها، التحوّل الضروري من الخطاب إلى الفعل، حيث يصبح التضامن مع الضفة الغربية فعلاً سياسياً وأخلاقياً في مواجهة مشروع استعماري يهدف إلى اقتلاع الإنسان من أرضه وتحويل الوطن إلى مشهد من الخيام".
وأمس شهدت القرية مواجهات عنيفة بين الأهالي وقوات الجيش، استُخدم فيها الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، في استمرار لسياسة القمع الممنهجة ضد سكانها.