في دولة من الدول اتجه المصلون إلي قبلة نتيجة تحريهم واجتهادهم ولكن ظهر بعد سنوات انها ليست القبلة الصحيحة فاتجهوا إلي البيت الحرام.. فما حكم الدين في الصلوات السابقة؟

** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور عبداللطيف محمد عامر استاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الزقازيق يقول: استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة لقول الله تعالي: "فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره".

ويستثني من ذلك أحوال لا يشترط فيها استقبال القبلة كصلاة الخوف ونفل السفر المباح وغير ذلك.

وقد ذكر الحنفية ان من مفسدات الصلاة تحويل المصلي صدره عن القبلة بغير عذر وإذا صلي المصلي دون ان يتحري القبلة حتي إذا فرغ من صلاته تبين انه قد اتجه الاتجاه الصحيح صحت صلاته بعكس ما ظهر له ذلك اثناء الصلاة فتبطل صلاته.

وان أصاب القبلة لأنه لم يشغل نفسه بتحري القبلة وقد قال المالكية ان أداة اجتهاده لجهة فخالفها متعمداً وصلي إلي غيرها بطلت صلاته.. وعليه الإعادة.

وواضح من ذلك أنه هو الذي تعمد مخالفة الاتجاه إلي القبلة الصحيحة فلم تقبل صلاته لأن تعمده يعد لوناً من ألوان الاستهزاء وقد ذكر الشافعية انه لا يسقط استقبال القبلة بجهل أو غفلة أو نسيان وعليه ان يعود إلي القبلة بعد ان عرفها ويسن له حينئذ ان يسجد للسهو علي أنه ناس.

أما لو تعمد استدبار القبلة مع معرفته بها فصلاته باطلة.. وأطلق الحنابلة القول بإن من مبطلات الصلاة استدبار القبلة.. أي الاتجاه المخالف لها حيث ان استقبالها شرط من شروط صحة الصلاة وان هذه الشروط لا تسقط عمداً أو سهواً أو جهلاً.. ومعني ذلك ان علي المسلم ان يتحري القبلة بقدر ما وسعه التحري.

وان يصلي متجهاً إلي الجهة التي أداه إليها اجتهاده لكن إذا ظهر له الاتجاه الصحيح فتعمد مخالفته فقد بطلت صلاته.. لأن الصلاة ليس قبلة أو جهة فقط ولكنها اتجاه نفسي ونية صالحة للامتثال والطاعة.. حيث يقول سبحانه وتعالي "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر".

وليس معني الآية التحرر من الاتجاه إلي القبلة ولكن المعني في رد المسلم الطاعة والامتثال وبخاصة في الصلاة التي هي من الأمور التوقيفية.

وبالنسبة لما ورد في السؤال هو ان هؤلاء الذين تحروا القبلة وصلوا تجاهها لأي مدة من الزمن ثم تبينوا بالمصادفة أو لأي سبب كان انهم صلوا إلي غير اتجاهها فصلاتهم صحيحة والله يتقبلها ان شاء الله ولا أدل علي ذلك من قوله تعالي: "فأينما تولوا فثم وجه الله".
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]