قال مخطط المدن والباحث عروة سويطات عن وضع اللوجستي للأرض والمسكن المصحوب الانتهاكات الملتوية التي تشهدها البلدات والأراضي العربية في الذكري الثالثة والأربعين ليوم الأرض بانه تجري مقايضة الميزانيات بتكثيف البلدات على الأراضي الخاصة من خلال خطة 922 الحكومية التي وبحسب ادعائه تمثّل تحولا استراتيجيا في تعامل الدولة مع الأرض والسكن في البلدات العربية، من التجاهل والتهميش الى سياسة حكومية تقرّ بوجود أزمة سكن في البلدات، ولكن تعرّفها من جديد بخطاب تخطيطي وسياسي يهدف إلى التدخل وتغيير ثقافة السكن وأسلوب الحياة في داخل بلداتنا. الخطة تقايض الميزانيات للسلطات المحلية بالبناء المكثف على الأراضي الخاصّة إلى جانب سياسة هدم دون توفير أية فرص ومرافق للتطوير.

لا يوجد تخطيط لائق في العالم يكثف مشاريع إسكان على أراضي خاصة بهذا الشكل

وتابع: تهديد 6000 دونم من الأراضي العربية وذلك من خلال فحص التخطيط في البلدات العربية التي عرّفتها خطة 922 كبلدات استراتيجية، تبيّن أن الدولة منذ العام 2017 تخطط 40 ألف بيت في سبع بلدات عربية، وذلك بعدد طوابق يتراوح بين 6−-18 وبكثافة تتراوح بين 6−-24 وحدة سكنية للدونم والأخطر أن كل ذلك في مناطق 54% منها هي أراضي خاصة: أي تهديد أكثر من 6000 دونم من الأراضي العربية الخاصة. لا يوجد تخطيط لائق في العالم يكثف مشاريع إسكان على أراضي خاصة بهذا الشكل.

ونوه قائلا: في الذكرى الثالثة والأربعين نواجه خطاب تخطيطي استعلائي حيث ان الخطة الحكومية تعبّر عن الخطاب التخطيطي والسياسي السائد الذي يعرّف ازمة السكن في البلدات العربية انها مشكلة "كثرة الأراضي الخاصة" بدلا من تعريفها انها نقص في الأراضي العامة. انها مشكلة "بناء غير قانوني" بدلا من تعريفها كنتاج لانعدام التخطيط وعدم الاعتراف. وأنها مشكلة "تعامل محافظ تقليدي مع الأرض" لا كارتباط وطني وجماعي في الأرض. وان المشكلة هي في "ثقافة السكن عند العرب التي تعارض البناء الى اعلى"، لا اننا نرفض التكثيف في حيز فقر مستضعف هزيل هجين من دون أية بنى تحتية اقتصادية واجتماعية مدينيه لائقة.

الاسقاط السياسي الأخطر هو تحويل علاقتنا مع الأرض من علاقة وطن وقضية جماعية وسياسية إلى مسألة عقار فردي

وتابع مفصلا: تكريس الوضع القائم اسقاطات هذه السياسة على البلدات العربية ستكون أولا عدم تخصيص أراضٍ عامة لائقة للتطوير. ثانيا، تكريس التوزيع غير العادل لما تبقى من أراض خاصة، والتي تقع بأيدي جزء قليل من السكان. ثالثا، جذب الأزواج الشابة العربية إلى الأطراف وخارج البلدات ما سيؤدي إلى إضعاف البلدات العربية وزيادة الاستقطاب الاجتماعي الاقتصادي.

وأضاف: أرضنا هي وطننا وليست مجرّد عقار، أما الاسقاط السياسي الأخطر هو تحويل علاقتنا مع الأرض من علاقة وطن وقضية جماعية وسياسية إلى مسألة عقار فردي، يباع ويشترى، وتفريغ الأرض من مضمونها السياسي وتحويلها إلى مسألة إجرائية تتمحور حول الترخيص والتخمين العقاري والتعويض، لا حول الغبن والحقوق التاريخية والقضايا الجماعية واحتياجات السكن للأجيال القادمة.

جميع المناحي تؤدي لفقر المواطن العربي

وعن مخطط الطنطور أشار بانه "جيتو" تحت مسميات "مدينة" عربية مضيفا: للمقارنة يهدف المخطط في الطنطور، وهو أقصى درجات هذه السياسة، لإضافة ما يقارب 70 الف انسان على اكثر من 5,500 دونم بينما في نتسيرت عيليت هناك 40 الف نسمة على 33 الف دونم وفي حريش 50 ألف نسمة على 14 ألف دونم. في الطنطور التخطيط لـ 15 الف وحدة سكنية يصل معدّل الكثافة الى 13 وحدة سكنية للدونم وفي مناطق معيّنة تصل إلى 24 وحدة سكنية للدونم وهي كثافة عالية جدا. بينما في نتسيريت عيليت هناك 17 الف وحدة سكنية يصل معدّل الكثافة الى 10 وحدات سكنية للدونم فقط وفي حريش 9 الاف وحدة سكنية بكثافة 8 وحدة سكنية للدونم. في الطنطور التخطيط لـ 700 دونم مناطق تشغيل وعمل، بينما في نتسيرت عيليت هناك 10 الاف دونم للعمل والصناعة وفي حريش 3 الاف دونم للعمل والصناعة. أي أن مخطط الطنطور سيخلق مدينة هزيلة لا مثيل لها في البلاد.

واختتم قائلا: كافة الأبحاث الاجتماعية المدنية في العالم تؤكد ان معادلة: الكثافة الإسكانية + نقص في الحيّز العام والمرافق الاقتصادية والاجتماعية وانعدام أماكن للعمل والثقافة والترفيه يؤدي الى دفع المواطن لثمن الكثافة من دون الربح الذي يحصل عليه في المدينة يعني حيز فقر يعني جيتو. لذا حل أزمة السكن تتم فقط من خلال توسيع البلدات ومنح أراضي عامة للتطوير الذي يناسب احتياجات البلد. لا المس بأراضي الناس وإلقاء عبء الغبن التاريخي على كاهل الأفراد، في تخطيط سياسي دون مشاركة جمهور ولا موافقة الناس وسيؤدي حتما الى صدام بين الناس. وذلك بهدف تكريس الفصل العنصري الجغرافي في البلاد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]