"لا مجال للرمادية في المواقف" مبدأ يتمسك به الفلسطيني المقاطع والمصوت خلال لانتخابات الاسرائيلية التي تجري اليوم الثلاثاء، اذ مع اقتراب يوم الحسم اشتدت المواقف واستعرت النقاشات وتتباين الآراء بين مقاطع مبدأي يرفض ان يتخذ الكنيست الإسرائيلي منبرا له ومقاطع جره الخذلان وخيبة الامل من نهج وخطاب الأحزاب العربية الى العزوف عن المشاركة وبين مصوت يهرول الى صناديق الاقتراع يوم الانتخابات رفضا لسياسات عنصرية تنتهجها الحكومة اليمينية والمتطرفة ضد المواطنين العرب خصوصا مع ارتفاع حدة ووتيرة التحريض اليميني المتمثل بتصريحات معادية للعرب من رئيس الحكومة الحالي نتنياهو، بمسعى لخلق أجواء اكثر إيجابية ومنع سن قوانين عنصرية متطرفة ضد صاحب الأرض الاصلاني من قبل قطيع الفاشيين والمتطرفين.

القوانين ضد العرب سنت حينما كان التمثيل العربي في البرلمان الإسرائيلي في اعلى مستوياته

اليف صباغ المحلل السياسي الداعم للمقاطعة يرى ان المقاطعة هي موقف شعب يراجع مسيرته وعلاقته مع الدولة عامة ومع مؤسسة الكنيست خاصة. كما انها مراجعه للعلاقة بين الجمهور العربي الفلسطيني والقوائم البرلمانية. نتيجة تراكم التجربة وخيبات الامل خصوصا بعد محاولات التضليل والضغوطات التي يقوم بها البعض أحيانا لإخضاع المقاطعين واعادتهم الى قطيع المصوتين. مشيرا في حديثه "بعد عقود طويله اثبتت سياسة هذه الدولة ان المصالحة معها مجرد اوهام وامال كاذبة سرعان ما تتبدد خاصه بعد اقرار قانون القومية وقانون كامينتس لهدم البيوت والمثير انه تم سن هذه القوانين حينما كان التمثيل العربي في البرلمان الإسرائيلي في اعلى مستوياته ومن هنا اما مقاطعه الاحزاب / القوائم البرلمانية واما معاقبتها، انطلاقا من ان اعضاء الكنيست العرب يحرصون على تضليل الرأي العام ويعملون وفق اجنداتهم الخاصة بمعايير الربح والخسارة الشخصية او الحزبية الى جانب احتكار التمثيل والعمل السياسي وجعله برلمانيا فقط على حساب الهيئة الوطنية العليا".
القيادي في حركة أبناء البلد محمد كناعنة وافقه الرأي مضيفا الى ان مقاطعة الكنيست الإسرائيلي جزء من مشروع مقاومَة الاستعمار، باعتبارها اعلى سلطة تشريعية في كيان الاحتلال ويرى كناعنة ان "التصويت يعني الاعتراف بشرعية الاستعمار على أرض وطننا وعلى حساب حق شعبنا في تقرير مصيره، وعليه نحن نرفض أن نمنح هذا الكيان الكولونيالي هذه الشرعية، والدخول إلى الكنيست ما هو الا منح الشرعية وكأنَّ ما حصلَ من نكبة عام 48 أمر عابر خصوصا وان التواجد في البرمان الإسرائيلي مشروط بقسم يمين الولاء والاعتراف بأن "إسرائيل" دولة يهودية وديمقراطية وأنها تجسد حق تقرير المصير لليهود القانون العودة لليهود. ونوه ان هناك حاجة لتنظيم الجماهير الفلسطينية خارج إطار الكنيست على قاعدة الرؤية الوطنية بعيدة المدى في الحفاظ على الهوية والصمود وربطها مع الحاجة لمتابعة القضايا المختلفة من خلال مؤسسات وطنية وهيئات شعبية وأهلية مختصة.


المقاطعة في إطارها الحالي إقصاء للنفس عن دائرة المشاركة والتأثير

بالمقابل يعتقد سياسيون ونواب عرب من القوائم والاحزاب الأكثر نشاطا وبروزا على الساحة السياسية الإسرائيلية ان تعزيز التمثيل البرلماني من خلال رفع نسبة التصويت من شأنه أن يحدث تغييرًا جدّيًا في موازين القوى السياسية في الكنيست، وان يساهم بأغلاق الطريق امام نتنياهو لتشكيل حكومة استيطانية وعنصريّة جديدة تعتمد على اليمين المتطرف والفاشي.
النائب د. يوسف جبارين من القائمة العربية المشتركة قال في حديث خاص "ان كل عضو إضافي للقائمة المشتركة في الكنيست يعني قوة أكبر لنا لمتابعة قضايانا اهالينا الحارقة ومعالجتها، ومن بينها قضايا الأراضي والسكن ومسطحات البناء، التربية والتعليم، التمييز في الميزانيات اللازمة للنهوض ببلداتنا" وحول حضور قضايا المواطنين العرب في الساحة الدولية التي برز نشاط النائب جبارين فيها، فقال: "يمكنني القول من تجربتي في الاعوام الاخيرة ان قائمة مشتركة قوية وكبيرة تستطيع ايضًا رفع صوتنا بقوة اكبر في المحافل الدولية ورفع الوعي الدولي للتمييز ضدنا من اجل تجنيد رأي عام دولي يدعم حقوقنا"

فيما أكد النائب د. منصور عباس من القائمة المشتركة ان القاعدة الأساسية أن يشارك الناس في الشأن العام السياسي ويسعوا لانتخاب من يمثلهم ويدافع عن حقوقهم ويعبر عن مواقفهم أمام السلطة الحاكمة في إسرائيل واصفا المقاطعة في إطارها الحالي بانها إقصاء للنفس عن دائرة المشاركة والتأثير مما لا شك فيه ستساهم باستمرار حكم اليمين ونتنياهو وتؤدي الى مخاطر كبيرة منها تصفية القضية الفلسطينية وتنفيذ مخرجات صفقة القرن ، فرض حالة الاقتحامات للمسجد الاقصى المبارك وتقسيمه، استمرار التحريض على الوجود والدور العربي داخل اسرائيل والإضرار بمكانتهم وغيرها من المخاطر المرتقبة.

حملات خارجية تدعم التصويت لتظهر إسرائيل كدولة ديمقراطية

بالمقابل، تنتشر في المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني حملات لرفع نسبة التصويت لانتخابات الكنيست الاسرائيلي، هذه الحملات بعضها يدعو الى الخروج للتصويت تحت شعار "هاي المرة مصوتين"، وبعضها يدعو للتصويت تحت شعار "مش مهم لمين تصوت، المهم تصوت"، وبعضها تحاول ان تحث الناس للتصويت من خلال فكرة استفتاء في بعض البلدات العربية حول قضايا مختلفة، لا تخضع علميا لاستفتاء بل لقرارات مهنية من السلطات المحلية.
جمعية سيكوي لدفع المساواة بين العرب واليهود اعتبرت من الجمعيات التي اجتهدت بحملات كثيرة لدعم التصويت العربي، مدير الجمعية امجد شبيطة رأى انه من واجبه التصدي للتحريض اليميني الذي يفيد بان أعضاء الكنيست العرب لا يعملون لصالح العرب وبناء عليه قامت الجمعية بحملة لكشف حقيقة نشاط النواب العرب يقومون بواجبهم تجاه المجتمع العربي بما يتعلق بالقضايا اليومية وان انشغالهم بقضايا الاحتلال هو حق لهم كممثلين للمجتمع العربي- على حد قوله.
اليف صابغ المحلل السياسي قال في هذا السياق: ان تدخل جهات خارجية بالانتخابات الإسرائيلية من خلال دعم جمعيات عديدة تعمل بالمقابل على رفع نسبة التصويت خصوصا لدى العرب، ليس حبا واعتزازا بالعرب بل لتظهر إسرائيل بأفضل صورة امام الرأي العام العالمي كدولة ديمقراطية، في حين ان مقاطعة العرب للانتخابات ممكن ان يفند ديمقراطية إسرائيل ويمس بصورتها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان التخوفات من ان يلتف الفلسطينيون في إسرائيل حول إطار وطني جديد وهو ما لا يريده اليهود في العالم وإسرائيل انطلاقا من مبدأ ان الجماهير لا يجب ان تبقى بدون إطار او تمثيل سياسي وبالمقابل تلتقي هذه المصلحة مع مصلحة القوائم البرلمانية.

لا جديد في الأفق، نسبة التصويت عند العرب لن تتغير بصوره جوهرية

وقال الخبير السياسي محمد دراوشة: هنالك عدة حملات مموله خارجياً تدعو الى رفع نسبة التصويت. وبالرغم من اهمية المهمة، الا ان الحملات هزيلة نوعاً ما تعتمد شعارات مبتذله، ومنها التخويف والتحفيز الهزيل. لذلك لا ارى فاعليتها الحقيقية وقدرتها على التأثير الجدي على المترددين بالتصويت، واعتقد ان غالبيتها ستكون أموال مهدورة بدون نتيجة في صناديق الاقتراع. وعليه لا أتوقع ارتفاع ملحوظ على نسبة التصويت التي ستراوح مكانها، مع امكانية الارتفاع او الهبوط الطفيف فقط.
وبالرغم من التغيير الواضح في خطاب ونهج القوائم والأحزاب العربية في محاولة استمالة الجماهير الفلسطينية من جديد وإعادة جسر الهوة المتمثلة بالثقة بين الطرفين فان محللون يرون ان نسبة التصويت عند العرب لن تتغير بصورة جوهرية عن الانتخابات الأخيرة حيث وصلت الى الحضيض، لأسباب عدة منها عدم الرضى عن الأحزاب العربية التي تشكل المشتركة ما سبب حالة من النفور من السياسة الإسرائيلية لدى العرب. حيث اعتبر انه لا توجد بدائل كثيرة للتصويت لأحزاب تتماهى مع مواقف ومصالح المواطن العربي، وخاصةً القضايا الاجتماعية والاقتصادية. من جميع الأطراف الأحزاب اليسارية والعربية. لذلك لا يرى المواطن العربي عنواناً حزبياً واضحاً يمثله.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]