سلطت قضية اغتيال المرحومة وفاء عباهرة من عرابة التي قتلت قبل أيام على يد طليقها في وضح النهار الضوء على تعامل وإدارة الجهاز القضائي في إسرائيل في جرائم القتل والعنف وخصوصًا ضد النساء، ومقدار اهتمام هذه المنظومة بأمن النساء وحمايتهن مقابل حرية وعدم تقييد المعتدي سواء كان زوج او اخ او أي فرد من افراد العائلة، حيث وجه ناشطون أصبح اللوم للقاضي زياد صالح، في اعقاب قراراته بالقضية بين عباهرة وطليقها وعدم اصداره لقرار يقيّد الطليق ويساهم في منع تعرضه لطليقته خصوصًا وأن الحديث يدور في الأساس عن شخص من ذوي الاسباقيات الجنائية، وكرر تهديدة لطليقته في أكثر مناسبة.

أصابع اللوم التي وجهت، وصلت إلى حد الاتهام من قبل بعض المعلقين والمعلقات، اتهام لم يشمل القاضي لوحده، بل المنظومة القضائية في البلاد بأكملها، في تعاملها مع جرائم العنف، حيث أكدوا أن القاضي هو جزء من منظومة كاملة تتعامل بهذا الشكل، والأمر لا يتعلق به شخصيًا أو بمهنيته.

القاضي رأى الجزئية العينية وتغاضى عن الصورة الأكبر

المحامية والحقوقية عبير بكرا قالت ل "بكرا" معقبة قرارات القاضي صالح: قرار القاضي بإطلاق سراح المتهم تعامل مع الجاني وكأن لا ماض جنائي له، وكأن اعتداءه على طليقته كان محض صدفة أو تهور غير مقصود. من هنا تبدأ المشكلة مع القاضي انه رأى الجزئية العينية وتغاضى عن الصورة الأكبر. السؤال لماذا لم تقدم الشرطة استئنافا ضد هذا القرار إذا كانت مقتنعة بموقفها انه يجب ابعاده لفترة طويلة.
وتابعت: من ناحية اخرى حتى لم تم ابعاد الشخص لمدة شهرين فمن الواضح انه بانعدام اليات رقابة ترصد تحركاته فاعتداءه السافر على زوجته كان سيأتي عاجلا ام اجلا. الحديث عن شخص خطط لجريمته وتعمد قتل زوجته ولم يكن الموضوع جراء احتدام نقاش فقد الجاني سيطرته فيه على نفسه. هذا قتل متعمد ومدروس ومخطط مسبقًا لذلك طالما ابعاد الجاني كان لفترات وجيزة موعدها محدد فمن الواضح انه مع انتهاء فترات الابعاد سيقوم بفعلته الحقيرة.

قضاة رجوليون يستخدمون قوتهم وصلاحياتهم لإخلاء سبيل المتهمين بالعنف ضد نسائهم

الناشطة النسوية والعاملة الاجتماعية نبيلة اسبنيولي قالت بدورها ل "بكرا": تمر المرأة ضحية العنف في درب الام طويل ومتعدد الاوجه فبعد ان تصارعت مع تربيتها التي تطلب منها السكوت على العنف "وخليها بالقلب تجرح ولا تطلع على اللسان وتفضح" وبعد ان ارتبطت بصوتها وحاولت نيل الدعم من حولها ينصحها الجميع بان تتحمل لأجل بيتها، وتصمت وتحاول دون جدوى الى ان تتوجه لطلب الدعم من الخارج فربما تصل الى جمعية نسوية ترافقها وتدعمها وغالبا ما تصل الى مكتب الرفاه فتنضم الى مئات الطلبات التي تنتظر الدور او ربما تصل الى الشرطة وتلقى الاهمال
وتابعت: حتى تصل الى القضاء تكون قد مرت بدرب الالام لتلتقي مرة اخرى بقضاة ابعد ما يكونون عن الحكم بالعدل ولا يهمهم حماية المرأة فهو بأنفسهم يعتمدون فكر رجولي نمطي يحكم على الامور من هذا المنظار. لذلك تأتي احكامهم كمواقفهم رجولية وظالمة بامتياز فهذا يحكم بحكم مخفف لان القضية لا تهم الجمهور وذلك يعيده الى بيته حر ليتابع ممارسة عنفه وتنكره لزوجته وتتراكم الانتهاكات لحقوق المرأة وتتعدد اوجه القمع والمشكلة تعيد انتاج ذاتها مجتمع متخاذل يولد اشخاص متعاونين ومتخاذلين، شرطة متخاذلة عن اتخاذ الخطوات الرادعة ومتعاونة مع القتلة، وقضاة رجوليون يستخدمون قوتهم وصلاحياتهم لإخلاء سبيل المتهمين بالعنف ضد نسائهم او حمايتهم بمنع نشر اسمائهم خوفا على سمعتهم، فيصبح الحامي شريك في الجرم.

قرار متساهل من أحد القضاة يطلق القاتل حرا ليتمكن من القيام بجريمته في وضح النهار

نادرة أبو دبي سعدي عاملة اجتماعية وناشطة نسوية عقبت بدورها قائلة: من المحبط جدا بنظري ان تقوم سيدة بعمل كل ما في وسعها لكي تحفظ حقها بالحياة ان تستخدم كل الوسائل المتاحة من شرطة ومكاتب رفاه ومأوى للنساء المعنفات وبنهاية الامر بقرار متساهل من أحد القضاة يطلق القاتل حرا ليتمكن من القيام بجريمته في وضح النهار.
وتابعت: لا يمكن التساهل مع ما قد حصل هذا الامر بحاجة لجنة تحقيق من جهة للتعامل عينيا مع قضية القاضي المتساهل واتخاذ الاجراءات اللازمة بحقه. من جهة اخرى من المهم اجراء استكمالات ولقاءات مباشرة للقضاة والاجهزة المعنية للتعرف عن قرب على حياة الامرأة المعنفة ولكي يبقى دائما برأسهم حين يتخذون القرار الفصل انه في الطرف الاخر حياة امرأة متعلقة بهم. اجهزة الدولة الاكثر تطورا بالشرق الاوسط كان باستطاعتها حماية وفاء ونساء اخريات قبلها... مرة اخرى أخفقوا. لا يمكن التساهل مع هذا ولا يمكن المرور مرور الكرام، يجب تعديل القوانين وسن قوانين جديدة بما يتعلق بموضوع العنف تخصيص ميزانيات للحماية والعلاج هذا هو واجب هذه الدولة لمنع الجريمة القادمة.

القاضي  سلم وفاء بيده الى يد المجرم

عضو الكنيست السابقة والناشطة السياسية والنسوية نيفين أبو رحمون قالت بدورها: ما وصلنا اليه أشبه بالجحيم، هنالك استنزاف لدماء نسائنا، بلداتنا، بيوتنا، شوارعنا وكل الحيّز العام لم يعد آمنا لنسائنا. نحمّل المسؤولية الى تقاعس الشرطة والذي يعبّر عن سياسة عامة له في التعامل مع قضايا العنف والجريمة في مجتمعنا الفلسطيني، وكذلك الى المنظومة القضائية غير العادلة وما حدث مع وفاء عباهرة أكبر إثبات على تخاذل القاضي وفق منظومة تحكمها ذكورية ولا مبالاة حول ما يجري مع نسائنا.
وتابعت: هذا القاضي قد سلم وفاء بيده الى يد المجرم، فهذا المجرم كان حرا طليقا رغم ملفاته الجنائية المتكررة، ورغم أن وفاء قد قرعت كل أبواب المؤسسات كي تحمي نفسها وأطفالها، ولكن رغم كل شيء تقاعس الشرطة والمنظومة القضائية قد أوصلتنا الى هنا. نحن أمام مرحلة صعبة لا يمكن النهوض في مكانتنا السياسية كمجتمع دون النهوض بالمكانة الاجتماعية لنسائنا واحترام مكانتهن واختياراتهن. تقع المسؤولية علينا جميعا ولا يمكن السكوت بعد على ذلك، يجب إلزام الشرطة أن تقوم بدورها وهذا لن يكون الا اذا ضغطنا من أجل ذلك في حراكات ونضالات شعبية، وعندما تتحول قضية العنف والجريمة بحق نسائنا الى قضية شعب كامل تتكاثف به الجهود السياسية والتربوية والعمل الجماهيري الى جانب البرلماني والمؤسساتي، كل ذلك يلزمنا كمجتمع أن يصبح آمنا وان لا يشكل حاضنة ودفيئة للمجرمين بيننا. نريد مجتمع ينبذ العنف ويصون الإنسان به ويحمي نسائنا.

وزارة القضاء تعقب لبكرا: قرارات قضائية تصدر بتقدير قضائي ووفقًا للأدلة

بكرا توجه الى وزارة القضاء للحصول على تعقيب حيث وصلنا التعقيب كالآتي: يدور الحديث عن قرارات قضائية تصدر بتقدير قضائي ووفقًا للأدلة والظروف الخاصة بكل قضية على حدة. حادثة القتل مأساوية ومؤسفة وجهاز المحاكم يشارك أفراد الأسرة حزنهم.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]