يبدو أن مشهد الآلاف من الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية ومن الداخل، على شواطئ البحر في الفترة الماضية، خصوصًا في أيام عيد الأضحى، لم تعجب فئات معينة في المجتمع الإسرائيلي، فقد تم رصد منشورات عديدة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصفحات المحسوبة على اليمين بشكل خاص، تظهر صور للمتنزهين العرب وعبارات مثل "سيطروا على البلاد" وغيرها.

هذا التحريض، لم يستثن عكا، فقد كانت هنالك منشورات عديدة حول الموضوع، ولكن في عكا انعكس بالأمر بممارسة رسمية، تمثلت بقرار أولي من البلدية بإقامة سياج  حول شاطئ "أرغمان"، لاقى معارضة من قبل الأعضاء العرب – رغم نفي البلدية أن الدوافع من هذا القرار عنصرية، ومن ثم بقرار بوضع لافتة تمنع الحافلات من الدخول .

"الثمن الباهظ بارتفاع أعداد المصابين سيدفعه فقط سكان عكا الذين سيُجبرون على اغلاق محلاتهم التجارية، والسنة الدراسية لن تفتتح في موعدها، ونحن لن نسمح بهذا."- هذا ما يبرر به رئيس البلدية شمعون لانكري قراره، وينفي بشكل تام أن تكون الأسباب عنصرية، إذ يقول: قرار إقامة جدار هدفه تحديد عدد الزوار في الشاطئ ودوافعه صحية بحت، من أجل سلامة الجمهور بسبب انتشار الكورونا وبالطبع ليس من منطلقات عنصرية، ففي الأسابيع الأخيرة وصل إلى شواطئ عكا الآلاف من سكان الضفة الغربية الذين لم يتلقوا أي تطعيم من قبل، مما يشكل خطرًا على صحة الجمهور، خصوصًا في أعقاب ارتفاع نسبة الإصابات في المدينة يوميًا وعكا في طريقها لأن تكون حمراء.

حلول بديلة

النائب العربي لرئيس البلدية، أدهم جمل، قال في بيانه أنه وبعد معارضة الأعضاء العرب، البلدية قررت البحث عن حلول بديلة لإقامة جدار، وهذا ما أكده لانكري، وقال: "نحاول إيجاد حل بديل، وإذا وضعنا جدارًا سيكون مؤقتًا، عكا تقترب من أن تكون حمراء ولا يمكن الاستمرار هكذا، فقط من لديه شهادة متطعم أو متعافي سيسمح له بالدخول إلى الشواطئ، حتى لو كان من سكان الضفة الغربية".

ولكن يبدو أن البلدية لم تجد الحلول البلدية التي تحدثت عنها، ونصبت السياج فعلًا، ومساء الأربعاء، عقد اجتماع حول الموضوع في بلدية عكا، حيث تقرر تطبيق شروط الشارة الخضراء على الشواطئ، أي السماح بالدخول فقط من خلال تقديم شهادة تطعيم أو تعافي أو فحص كورونا سلبي ساري المفعول. كما تقرر عدم السماح لحافلات السكان غير المطعمين بدخول المدينة وشواطئها. وزعم لانكري في الجلسة أن "عكا على وشك أن تصبح حمراء لأننا سمحنا لهذه الحافلات بالدخول خاصة في العطلة الماضية". وتم فعلا نصب السياج حول شاطئ ارغمان.

تهديد بترك الائتلاف البلدي

بولص نحاس، عضو البلدية عن كتلة التحالف العكي، صوت مع زميله حسين أسدي ضد الاقتراح بإقامة جدار حول الشاطئ، وقالا في بيانهما أن حجة البلدية أن هذا السياج يمنع حالات الغرق هي حجة غير مقنعة، والهدف هو منع الفلسطينيين من الضفة الغربية من الدخول- وحسب أقواله: "في البلدية يدعون أن العاملين في الشاطئ لا يستطيعون تحمل هذا الكم الهائل من الزوار، وأن الخدمات هناك أيضًا لا تتحمل، ونحن اقترحنا أن يتم زيادة عدد العاملين في الشاطئ وأن يتم تطوير الخدمات، مثلًا زيادة عدد الحمامات وتوسيعها، وبالإمكان أيضًا توسيع الشاطئ حيث أن الشاطئ المجاور له صار مرخصًا للسباحة.

وحذرت قائمة التحالف العكي من الأجواء العنصرية السائدة بين المواطنين اليهود – كما جاء في بيانها، ومن انزلاق البلدية ورئيسها مع العنصريين، وهددت بالانسحاب من الائتلاف البلدية اذا استمرت هذه التصرفات العنصرية.

اغلاق في وجه الحافلات

الناشط الاجتماعي، أحمد عودة، وهو عضو سابق في بلدية عكا يعتبر من أكثر الذين يتابعون هذا الموضوع، وقد قام برصد اللافتات الجديدة التي وضعتها البلدية وتمنع دخول الحافلات إلى منطقة الشاطئ، قال "كل حجج البلدية واهية وغير مقنعة، لا علاقة للسياج بالغرق، وبالنسبة للكورونا، هل الكورونا عادت لتنتشر في عكا لوحدها؟ البلاد كلها تشهد عودة انتشار الكورونا، وعكا ليست استثناء في هذا الأمر، وهذا يؤكد أن لا علاقة للزوار الفلسطينيين من الضفة الغربية بانتشار الكورونا في عكا، هذا السياج سيمنع التنزه الحر ليلًا على الشاطئ وسيخرب منظر الشاطئ، وبدل من تخصيص الميزانيات لمثل هذا الأمر، يجب تخصيصها لتوظيف المزيد من العمال والمراقبين.

بالإضافة لموضوع السياج، فقد تم هذا الأسبوع وضع لافات في منطقة الشاطئ تمنع دخول الحافلات إلى المنطقة من مساء يوم الخميس حتى فجر يوم الأحد، وتقف دورية شرطة بشكل يومي في مدخل عكا لتفحص الحافلات وتمنع بعضها من الدخول، يقول عودة حول هذا الموضوع "انتبهوا إلى الساعات والأيام التي منعت البلدية دخول الحافلات بها إلى الشاطئ، ستجد أنها ساعات الاجازة لدى العائلات العربية، والساعات التي يحضر بها الزوار من الضفة الغربية ومن النقب ومناطق أخرى إلى عكا، هؤلاء الزوار الذين أحيوا أسواق عكا عندما قاطعها المواطنين اليهود بعد الأحداث الأخيرة، الآن يتم منعهم من الدخول إلى الشواطئ؟ أنا بعيني رأيت الشرطة في مدخل عكا تقوم بإيقاف وفحص الحافلات، ورأيت حافلة وادة سمحوا لها بالدخول، وعندما لحقت بها تبيّن أنها حافلة لليهود المتدينين.

ونشر عودة في صفحته، اليوم الجمعة، أنه يمهمل البلدية حتى يوم الثلاثاء القادم لإزالة هذا السياج وإذا لم يحصل ذلك، سينصب خيمة اعتصام امام الشاطئ كاحتجاج على هذه الخطوة.

أدهم جمل، نائب رئيس البلدية يقول أن فحص الحافلات ومنع بعضها من الدخول، هذه مسؤولية الشرطة ولا علاقة للبلدية بالموضوع، ويضيف: "اللافتة هذه تشمل الجميع، وهي تمنع دخول الحافلات الى منطقة الشواطئ بسبب الاكتظاظ في المكان وهو غير معد لركن الحافلات، واللافتة هذه تجنبهم تلقي غرامات باهظة كمخالفات على ركن الحافلات في الأماكن غير المخصصة لذلك.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]