في الميدان وقفن وركضن من صوب الى آخر، وعبرن من أمام خطوط النار، والحواجز التي نصبها الجيش الاحتلال الاسرائيلي، من أجل أن ينقلن الواقع بصوتهن، أمام الكاميرا وخلفها في ظل تغطية تلو الأخرى دون حماية أو أمان!

ومع تعرضهن المستمر للخطر أثناء تأديتهن عملهن في التغطية الميدانية، تتشابه قصص وتجارب المراسلات الميدانيات الفلسطينيات، في تفاصيلها وأحداثها في مواجهة يومية مع الاحتلال وممارسته العنصرية والاجرامية بحق المواطنين الفلسطينيين والواقع الصعب الذي يعيشه المواطنين الفلسطينيين، وفي الكثير من الأحيان يكون الثمن الحيّز المفترض أن يكون آمنًا لهن من أجل تأدية عملهن!

نرصد اليوم قصصًا لمراسلات ميدانيات كن وجهًا لوجه أمام فوهات بنادق الجنود الإسرائيليين!

فكرت بأمي وأبنتي...

" في اللحظة التي رموا فيها القنبلة على وجهي، أول ما فكرت بهما، أمي وابنتي التي كان عمرها حينها 4 شهور فقط، شعرت بالخوف، الظلم والاهانة وأننا كفلسطينيين لا يوجد لنا قيمة "- هكذا استذكرت مراسلة الميادين هناء محاميد ما حصل معها في تاريخ 05.10.2015، اثناء تغطيتها الميدانية لاقتحام القوات الاسرائيلية لمنزل الشهيد فادي علوان في بلدة العيساوية بالقدس المحتلة الذي نفذ عملية طعن لمستوطنين في المدينة، بعدما وجه عليها أحد الجنود الإسرائيليين قنبلة صوتية اصابتها في وجهها، سقطت على الأرض من شدة الإصابة وصرخت من شدة الألم وأصبحت هي الحدث، وبعد تقديم العلاج الأولي لها في المستشفى، عادت هناء الى الميدان لاستكمال عملها المباشر على قناة الميادين وكأنها تتحدى الاحتلال وجنوده، وكانت مضمدة الوجه لم تأبه الى المظهر أو الألم فقط كان همها أن تكمل رسالتها بشكل مهني ليعرف العالم صورة أخرى لقباحة وجه الاحتلال.

التمييز ليس فقط من قبل الاحتلال انما من المجتمع أيضًا!

وفي حديث مع مراسلة قناة الغد ايمان جبور عن تجربة في الصحافة قالت: " من احدى التجارب المخيفة كانت تغطية احداث هبة ايار 2021 في مدينة اللد، حيث كان المئات من المستوطنين المسلحين يجوبون المدينة، حينها لم أستطع تحدث اللغة العربية في الشارع، اما على الصعيد الانساني حينا ارى المقدسيون يفقدون املاكهم وتهدم بيوتهم كان الموقف صعبا جدًا.

تحديات أخرى تحدثت عنها ايمان تثير الإحباط بالنسبة لها، هو عدم المساواة الصارخ في المجتمع العربي الذي من الصعب التطرق له خلال قنوات تعمل في مجتمعات وبيئة ذكورية.

وقالت ان الباب قد يكون مفتوحاً امام تمثيل أكبر للنساء، ولكن محاولة العمل على رفع القضايا النسائية ليست سهلة، واضافت “على الرغم من شعوري بأن الصحفيات يحظين باحترام، لكن لا نعلم اعداد النساء اللاتي يتمنين العمل في مجال الصحافة ولا يستطعن العمل بهذا المجال بسبب التقيدات الاجتماعية.”

ولا يزال الصحفيون وبالأخص الصحفيات في الداخل المحتل والضفة لغربية، عرضة لاعتداءات القوات الاسرائيلية، على الرغم من وجود قوانين ومحاكم دولية، لكن اسرائيل لم تلتزم بشيء.. وتأتي هذه الاعتداءات في إطار التصعيد المستمر، من خلال جرائم الحرب وغيرها من انتهاكات القانون الدولي وحقوق الانسان التي تواصل اقترافها ضد المدنيين وبالأخص الصحفيات في الميدان.

وقد عمدت القوات الإسرائيلية في اشراك وحدات من القناصة في مواجهة المحتجين، بما في ذلك الصحفيين والصحفيات في الميدان منذ عام 2015 عند اندلاع موجات المقاومة الشعبية في مختلف المناطق، ومن الانتهاكات ضد الصحفيات كان مقتل الصحفية في قناة الجزيرة الاخبارية شيرين ابو عاقلة حيث تم قنصها في راسها وارديت قتيلة على الفور امام مرأى العالم اجمع.

وتشير المعطيات ان الاعتداءات على الصحفيين تتزايد بوتيرة كبيرة في غياب المسائلات القانونية على اسرائيل، حيث بلغ عدد الاعتداءات في عام 2022، 310 اعتداءً على الصحفيين، ومن ضمنهم استشهاد الصحفيتين شيرين ابو عاقلة وغفران رواسنة.

استشهاد أبو عاقلة وغفران ليس الانتهاك الوحيد من الاحتلال، فقد تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية من اعتقالات وقتل وعرقلة في الأحداث الميدانية التي يغطيها الصحفيون على الأرض خلال الاجتياحات في الضفة الغربية، والحروب على القطاع، والاقتحامات في الأقصى، وحتى في الفعاليات السلمية في مختلف المناطق.

النساء يقدن إعلام فلسطين

وفي حديث مع المراسلة الميدانية في قناة الحرة فاتن علوان قالت ان شيرين كانت “حالة”، حيث كانت تنقل الأوضاع على سجيتها، من دون تلاعب بالمشاعر، واضافت ان شيرين استطاعت ان تحرر القدس بيوم واحد!

ومن جهة اخرى صرحت علوان ان النساء هن من قدن الاعلام في فلسطين بكل فخر، حيث كن الصف الاول في انتفاضة الاقصى، حينها كانت الصحفيات نسرين سلمي، جيفارا البديري، شيرين ابو عاقلة، وايمان عريقات، الاسماء المعروفة في الشارع، وينقلن الاحداث على خط التماس.

واضافت ان الصحفيات الفلسطينيات كنا النساء الاكثر حظاٌ، لكن لم تصلن الى القيادة في المؤسسات، وهذا ليس فقط فلسطينياٌ بل عالمياُ.

واكدت فاتن على ان ثبات الصحفيات على المايكرفون، هو ثبات الشعب الفلسطيني على ارضه. وتبقى الصحفيات الفلسطينيات شامخات كشموخ شجرة الصنوبر قاسية وصامدة على الأرض.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]