بينما تحتفل إسرائيل اليوم "بعيد استقلالها" .. يحيي أبناء شعبنا الفلسطيني اليوم الذكرى الـ75 للنكبة، نكبة عام 1948 حين أعلن عن قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين وبالمقابل تهجير القسم الأكبر من أبناء الشعب الفلسطيني وطرده من مدنه وقراه في الجليل والمثلث والنقب ليتشتت في كل بقاع الأرض، في دول الجوار، وفي مناطق أخرى من الوطن، تهجير تم بقوة السلاح الذي حملته العصابات الصهيونية مدعومة بالجيش البريطاني وقتها.

وتحت شعار "استقلالهم نكبتنا" تحيي الجماهير العربية مسيرة العودة السنوية هذا العام على أراضي قرية اللجون المهجرة.

خلال الأعوام الـ75، تعرض الشعب الفلسطيني وما زال للعديد من النكسات والاعتداءات، فمن حرب تخسر بها كل الجيوش العربية أمام إسرائيل ويتم احتلال الضفة الغربية والجولان وسيناء، إلى عدوان تلو عدوان ثم معاهدات سلام لا تقدم سوى المزيد من الذل ومن استمرار الاحتلال، الى المزيد من تغول وحش الاستيطان والأطماع، خلال الـ75 عامًا، تستمر نكبة الشعب الفلسطيني وتتجدد.

نكبات متواصلة في الداخل

ولو تطرقنا قليلًا لحالنا في الداخل، ونحن أهل فلسطين الذين بقوا على أرضها، لرأينا أننا في عام 2023 وبعد 75 عاما من النكبة، نعاني من نكبات ربما لا تقل خطورة عن النكبة نفسها، وأولها وأبرزها نكبة العنف المستشري في مجتمعنا عبر الاجرام المنظم، ففي كل عام هنالك عشرات القتلى من أبناء شعبنا في الداخل، يقتلون برصاص وسلاح أبناء شعبهم أيضًا، الخلفيات كثيرة ولكن النتيجة واحدة، الفقدان .. ولانتشار العنف أسباب كثيرة منها ما تتحمله الحكومات الإسرائيلية بسياساتها العنصرية التي جعلت من المجتمع العربي مجتمعًا فقيرًا محدود التطور والتقدم مما شكل أرضية خصبة لأعمال العنف، إضافة لتقصير الشرطة في مناهضة العنف ومحاسبة مصادره، ومن الأسباب أيضًا بعض أخلاقنا وعاداتنا وأفكارنا التي يجب أن نخرج منها وتخرج منها، كاستغلال العائلية لأهداف سيئة وكقضية الثأر وعصابات الاجرام وغيرها، وللعنف أيضًا صورُ أخرى كعنف الشوارع الذي يعتبر نكبة أيضا، حيث يفقد مجتمعنا سنويًا عشرات الأشخاص جراء حوادث الطرق، ونسبة الضحايا العرب في حوادث الطرق اكبر بكثير من نسبة العرب في البلاد ومعطى كهذا يجب ان يضيء مصباحًا أحمرًا فوق رؤوسنا لنعرف أننا في الطريق الخاطئ الذي يجب أن نتصرف بالشغل الصحيح لنعود عنه، وأيضًا قضية حوادث العمل الخطيرة التي تحصل بكثرة، كل هذه وقضايًا أخرى هي نكبات خطيرة، تسببت بها النكبة والاحتلال .. وأمور اخرى.

بين كل هذا، وفي عصر مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت من كل صاحب صفحة أو حساب، وسيلة اعلام .. تقع المسؤولية علينا نحن، كوسائل اعلام وكصحافيين، بأن ننقل الصورة كما هي، ولكن ألّا نكتفي بذلك، بل أن نساهم في رفع الوعي الوطني والانتماء لهذه القضية التي تعتبر أم القضايا، وأن نساهم في صناعة رأي وموقف في مصلحة وحدة شعبنا وقوته.


الكبار ماتوا .. لكن الصغار لم ينسوا
أخيرًا في ذكرى النكبة، واجبنا أن نفنّد دائما مقولة زعيم اسرائيل الأول في زمن النكبة، دافيد بن غوريون الذي قال أن الكبار سيموتون والصغار سينسون، وهذا ما لم ينجح بتوقعه بن غوريون، ففعلا الكبار ماتوا لأن هذه هي سنة الحياة، أما الصغار فيثبتون من جيل إلى جيل أن الوعي للقضية والروح الوطنية أمور تتجدد من جيل لآخر وأن حق العودة حق لا مجال للتنازل عنه.
لنتمنى أن تتوقف النكبات التي نعيشها .. وليكن احياء ذكرى النكبة في العام القادم في وضع يكون به حال الشعوب العربية وشعبنا خاصة، أفضل ..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]