قال البروفيسور غادي الغازي، مؤرخ وأستاذ تاريخ في جامعة تل أبيب، في تصريحات خاصة لموقع "بكرا" إن الخطاب الرسمي الإسرائيلي يضلل الرأي العام، في حين أنّ الواقع على الأرض يكشف عن تدمير منظم لغزة. وأوضح: "دعوا الجيش والناطقين باسمه في الاستوديوهات يثرثرون كما يشاؤون، ولا تصدّقوا كلمة واحدة. إنهم الآن يدمّرون غزة حيّاً بعد حيّ. الخرائط تُظهر أنهم باتوا قريبين من المدينة القديمة، أو مما تبقّى منها، بينما المحللون المقرّبون من الجنرالات يزعمون أنّ ما يحدث مجرد 'تهديد' بعيد المدى، لكن الحقيقة أنه يحدث الآن".
وأضاف الغازي: "اربطوا هذه الخرائط برعب الأطفال، بالروبوتات، بالمسيّرات وبالقناصة. الجيش يقدّم الأمر وكأنه 'تشجيع' للناس على الحركة من خلال منشورات ملوّنة تُلقى من السماء، لكن في الواقع يسقط فوقهم القصف العنيف، ويُحرمون من المياه ويُجَوَّعون. يروّجون لفكرة أنّه يجب 'الفصل' بين مقاتلي حماس والسكان المدنيين، بل هناك من يكتب أنّ هذا لمصلحة الغزيين، وكأنه عمل إنساني، لكن الأحياء والمدن المدمرة تروي قصة أخرى: قصة إبادة وخراب".
الإستعمار
وتابع البروفيسور قائلاً: "ما يقوله الجيش اليوم هو تكرار لما قالته جيوش استعمارية في الماضي. الجيش الفرنسي، بين 1957 و1960، اقتلع مئات آلاف الجزائريين وحشرهم في ما سُمّي 'قرى تجميع' بزعم فصل الثوار عن المدنيين، والنتيجة كانت نصف مليون قتيل ودمار لا يُمحى. والجيش الإسباني في كوبا، بين 1895 و1898، أقام 'مناطق تركيز' لاقتلاع مئات الآلاف، فمات ما لا يقل عن 10% من سكان الجزيرة".
وأشار الغازي إلى أنّ "الحروب الكولونيالية كانت دائماً حروباً ضد المجتمع الأصلي كله، ضد البيوت والذاكرة والناس والمؤسسات. لكن ما تقوم به إسرائيل في غزة أسوأ من ذلك، إذ يقوده لا مهندسو إمبراطوريات، بل أتباع الترحيل والاستيطان، ورجال دين متطرفون يمتطون الجرافات. إنها حرب إبادة ضد شعب بأكمله".
وختم البروفيسور غادي الغازي تصريحاته بالقول: "في إسرائيل يردّدون أنّه لا خيار آخر سوى تدمير غزة واقتلاع حماس، وأنّ الفلسطينيين 'سيتعلمون درساً'. لكن متى سنتعلم نحن الدرس؟ حماس لم تنشأ من 'عقلية عربية' كما يزعمون، تماماً كما أنّ الجرائم الإسرائيلية لم تنشأ من 'عقلية يهودية'. حماس وُلدت من جرائم الترحيل والاحتلال. والجرائم الجارية في غزة الآن ستولّد كراهية عمياء لا تميّز. ومن يحرق البيوت مرة بعد أخرى، هل يمكنه أن ينعم يوماً بالعيش الآمن في بيته؟".
[email protected]
أضف تعليق