كشفت تسريبات من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن توتر داخلي متصاعد على خلفية ما يُعرف بـ"تحقيق التحقيقات" حول إخفاقات السابع من أكتوبر. فقد قرر رئيس الأركان، هرتسي زامير، تجميد نشر نتائج لجنة التحقيق التي يرأسها الجنرال المتقاعد سامي تورجمان، وتأجيلها لأشهر، بحجة الحفاظ على "الهدوء التنظيمي" قبيل دخول القوات في مرحلة المناورة بقطاع غزة.
اللجنة، التي شُكلت قبل خمسة أشهر، ركزت في عملها على أداء "شعبة العمليات" خلال ليلة الهجوم، ووفق مصادر عسكرية خلصت إلى أن التقييم كان ناقصاً وأن التحقيقات أُجريت بشكل جزئي. وعلى وجه الخصوص، أُثيرت انتقادات تجاه اللواء شلومي بيندر، الذي كان يقود الشعبة آنذاك ورُقّي لاحقاً إلى رئاسة شعبة الاستخبارات العسكرية. ورغم ذلك، يواصل رئيس الأركان توفير الغطاء له "في المدى المنظور"، على حد وصف المصادر.
التقرير أشار إلى أن التحقيق العسكري الأصلي حمّل بيندر وفريقه مسؤولية التأخر في نقل صورة دقيقة للقيادة العامة خلال الساعات الأولى، لكنه اعتبر أدائهم "معقولاً" في ظل غياب سيناريو معدّ مسبقاً لهجوم واسع النطاق. غير أن لجنة تورجمان أوصت بإعادة التحقيق في هذا الملف، وصنفته "حساساً" باللون الأحمر.
المخاوف من نتائج اللجنة
في الكواليس، تسود مخاوف من أن نتائج اللجنة قد خضعت لتأثيرات سياسية، بما يخدم توجيه المسؤولية كاملة نحو الجيش وحده، بينما يُعفى المستوى السياسي من المساءلة. تقارير عدة ربطت ذلك بمحاولة حماية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحلفائه، الذين لطالما دفعوا نحو سياسة "تعزيز حماس" كأداة لضبط غزة، وهي السياسة التي ساهمت بشكل مباشر في أحداث السابع من أكتوبر.
الانقسامات لا تقتصر على مسألة تورجمان؛ فقد أثار وزير الأمن يوآف غالانت جدلاً حين ألغى تعيينات لعدد من قادة الألوية التي صادق عليها رئيس الأركان، بدعوى أنهم كانوا في مواقع مرتبطة بالأحداث. لكن في المقابل، تمت المصادقة على ترقيات أخرى لضباط تحيط بهم علامات استفهام مشابهة.
في ظل هذه الأجواء، يواصل الجيش استعداداته لمعارك ميدانية في قلب غزة، بينما تتكشف صورة مؤسسة عسكرية تعيش أزمة ثقة داخلية وخارجية، وسط تبادل اتهامات بين القيادة السياسية والعسكرية حول المسؤولية عن أحد أعنف الإخفاقات في تاريخ إسرائيل.
[email protected]
أضف تعليق