قال المحلل السياسي محمد دراوشة في حديث خاص لموقع "بكرا" إنّ الاعترافات الدولية الأخيرة بدولة فلسطين، والتي كان آخرها إعلان سان مارينو، وقبلها بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال وبلجيكا ولوكسمبورغ وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو، تمثل تحولًا مهمًا في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية. وأوضح أن هذه الخطوات تحمل رسالة واضحة بأن استمرار الاحتلال والاستيطان لا يمكن أن يكون أساسًا لأي سلام حقيقي، لكنها في الوقت ذاته لا تغيّر الواقع ما لم تتحول إلى خطوات عملية لإنهاء الاحتلال وضمان الحقوق الفلسطينية.

وأشار دراوشة إلى أنّ الاعترافات المتتالية، التي جاءت في إطار مؤتمر "حل الدولتين" المنعقد في نيويورك برعاية فرنسا والسعودية، ترفع عدد الدول المعترفة إلى 159 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، منذ إعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات من الجزائر عام 1988 إقامة الدولة الفلسطينية. وقال: "نحن أمام تطور تاريخي، لكنه لا يُختصر بالاحتفالات، بل يجب النظر إليه كبداية لمسار سياسي طويل ومعقد".

وعن الأثر الداخلي في إسرائيل، قال دراوشة: "هناك فرصة حقيقية للتأمل، خاصة مع حلول رأس السنة العبرية، وهي مناسبة يراجع فيها المجتمع اليهودي خياراته. رسالتي للمجتمع اليهودي أن الاعتراف الدولي ليس تهديدًا، بل فرصة لإعادة النظر في سياسات الحكومة الفاشية التي تدفع نحو مزيد من العنف والعزلة. يمكن أن يكون هذا الاعتراف بوابة لشراكة حقيقية قائمة على الاحترام المتبادل والتعايش العادل".

العوائق والتحديات 

أما عن العوائق التي تحول دون تحويل الاعترافات إلى واقع ملموس، فقد شدد دراوشة على أنّ "غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة الإسرائيلية الحالية هو العائق الأكبر، فهي ترفض أي مسار يؤدي إلى إنهاء الاحتلال. لكن لا يمكن إنكار أن جزءًا من المسؤولية يقع على الفلسطينيين أنفسهم، إذ لا يمكن المطالبة من العالم بدعمنا في ظل استمرار الانقسام الداخلي. المصالحة وتوحيد الرؤية السياسية شرط أساسي لترجمة الاعتراف الدولي إلى إنجاز فعلي".

وأضاف: "الشعب الفلسطيني تعب من الانقسام ومن الشعارات التي لا تتحول إلى واقع. هناك رغبة حقيقية في إنهاء الانقسام، لكن هذه الرغبة تحتاج إلى قيادة تضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الفئوية. الاعتراف الدولي يجب أن يكون محفزًا لذلك، لا مجرد خبر للاحتفاء".

وتوقف دراوشة عند السياق الأوسع، قائلًا إن الاعترافات جاءت في وقت يتعرض فيه قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 لحرب إبادة تسببت باستشهاد وإصابة أكثر من 232 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومجاعة أودت بحياة كثيرين، ودمار شامل محا معظم مدن القطاع. واعتبر أن تجاهل "إسرائيل" للنداءات الدولية ولأوامر محكمة العدل الدولية يزيد من أهمية الاعترافات الدولية، باعتبارها رسالة واضحة برفض هذا المسار.

3 رسائل

وفي ختام تصريحاته، وجه دراوشة ثلاث رسائل: "أولًا للمجتمع الدولي: الاعتراف بدولة فلسطين خطوة مهمة لكنها غير كافية، المطلوب خطوات عملية لإنهاء الاحتلال ودعم الحقوق الفلسطينية. ثانيًا للمجتمع الإسرائيلي: لا تسمحوا للحكومة الحالية أن تجرّكم إلى مزيد من التطرف والعزلة، بل كونوا شركاء في صناعة السلام. وثالثًا للفلسطينيين: الوحدة الوطنية هي مفتاح القوة. فلنستثمر هذه اللحظة في إعادة بناء المشروع الوطني على أسس الشراكة والعدالة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]